مستويات التحليل
مستويات التحليل
يؤخذ على الواقعية إهمالها لتأثير الجوانب الدينية والأيديولوجيات الفكرية والاجتماعية في سلوك الدول، ويؤخذ على الليبرالية أن تلك المثالية المُتبنَّاة لا نراها متحقِّقة في الواقع، ولا تتفق مع طبيعة الدول التي ترفض وجود قوة تفوُّقها في النظام الدولي، ولم تمنع منظمة عصبة الأمم التي دعا لإنشائها الرئيس الأمريكي الليبرالي وودرو ويلسون من قيام الحرب العالمية الثانية، وأكثر ما يؤخذ على الماركسية أنها جعلت الدافع الاقتصادي هو المحرِّك الوحيد لسلوك الدول وهو ما يخالف الواقع، ولقد كان سلوك الألمان في زمن هتلر يرتبط كثيرًا بالأيديولوجية النازية، كما أن الفكر الثوري الراديكالي لا تتقبَّله بعض المجتمعات لعوامل ثقافية ودينية.
يتم تحليل السلوك السياسي للدولة خلال ثلاثة مستويات هي: الفرد (وهي لفظة أدق وأشمل من لفظة الحاكم)، والنظام السياسي للدولة، والنظام الدولي، فالفرد قد يكون حاكمًا شكليًّا أو ضعيفًا أو يتمتَّع بنفوذ وسلطات كبيرة، وقد تكون شخصيته تميل إلى العدوانية والحرب مثل جورج بوش، أو مسالمة بطبعها مثل بيل كلينتون، نتيجة لعوامل التنشئة والأيديولوجيا التي تغلب على كلٍّ منهما، وهذا بدوره يؤثر في تحليل سلوك الولايات المتحدة، ويقول جون برتون: “إن النزاعات الدولية هي نزاعات شخصية أكثر منها موضوعية”.
ولكنَّ الفرد نفسه تابع لنظام دولته، فالرئيس الإيراني مثلًا ليس له صلاحيات واسعة، وإنما هو تابع للمرشد الأعلى ومجلس الشورى في اتخاذ القرارات المصيرية، ورئيس الكيان الصهيوني لا يملك سلطة تنفيذية، بل هي وظيفة رئيس الوزراء، ورئيس الوزراء لا يبتُّ في أمر إلا بموافقة الكنيست الإسرائيلي، ولذلك يجب تحليل النظام السياسي للدولة عند تحليل سلوكها، أما النظام الدولي السائد فهو الأكثر تأثيرًا وأهمية لتحليل سلوك الدول، وعندما يكون النظام الدولي أحادي القطبية فهذا يعني أن ثمة دولة مهيمنة هي الأقوى في النظام الدولي، تهدِّد الدول الأخرى دون أن تستطيع أي دولة تهديدها، كما كانت الولايات المتحدة بُعيد سقوط الاتحاد السوفييتي، أما الآن فتوجد تعدُّدية قُطبية في العالم كأمريكا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
الفكرة من كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
ويشبِّه المؤلف علم العلاقات الدولية بملعب كرة القدم الذي يكون فيه اللاعبون من الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعدِّدة الجنسيات، ويكون القائد أو المدرِّب هو الأمم المتحدة، وتلعب القوانين الدولية دور الحَكم بين اللاعبين.
كذلك هناك محلِّلون لسلوك الدول والمنظمات، والتنبُّؤ بمصير العلاقات الدولية في المستقبل، ومنظِّرون لتقديم اقتراحات لحل المشكلات الدولية، أو لطرح نظريات لما ينبغي أن يكون عليه العالم، أما شعوب العالم فما هي إلا جمهور متفرِّج لا يحقُّ له النزول إلى ساحة الملعب.
ولعلَّ لفظة “السياسة الدولية” هي المصطلح الأدقُّ لذلك العلم لأنه يشمل دراسة الكيانات المحسوسة وليس فقط العلاقات، ويدخل ضمنه الفاعلون السياسيون غير الدول كالشركات والمنظمات، ولكن مصطلح “العلاقات” هو الأشهر بين الأكاديميين.
مؤلف كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
نايف بن نهار: مدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة قطر، حصل على بكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة قطر عام ٢٠٠٨، وحاز درجة الماجستير في تخصُّص الفقه وأصوله عام ٢٠١١ من الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا، ثم درجة الدكتوراه بالتخصص نفسه عام ٢٠١٤، كما حاز من الجامعة نفسها دكتوراه ثانية في العلوم السياسية عام ٢٠١٨، إذ قدَّم الدكتور نايف نظرية جديدة في علم العلاقات الدولية تسمَّى “الذراع الرادعة”، وحصل على ملكيَّتها الفكرية في السابع من فبراير عام ٢٠١٦.
من مؤلفاته:
– دعوى التلازم المنطقي بين الإسلام والعلمانية.
– نحو منهجية مقترحة لتأسيس علم الاستغراب.
– الصيرفة الإسلامية في دولة قطر.