المدارس الفكرية
المدارس الفكرية
ثلاث مدارس فلسفية تهيمن على الاتجاهات السياسية والفكرية والسلوكية في العلاقات الدولية، وهي: الواقعية والليبرالية والماركسية، وكلها انعكاس لتصوُّرات المجتمع الأوروبي دون بقية العالم.
فعلى أفكار مكيافيلي الإيطالي وتومس هوبز الإنجليزي أُسِّست المدرسة الواقعية التي ينظر إليها ويلكينسون أنها الأكثر تأثيرًا في العلاقات الدولية، وتقوم الواقعية على قانون القوة، فهو أساس الحكم والسياسة، ومبدأ المصلحة القومية دون أية اعتبارات أخلاقية، فالإنسان -كما يرونه- شرير بطبعه، والدولة كذلك مجموعة من الأفراد الأشرار بطبعهم، لذا لا تعترف الواقعية بالمنظَّمات الدولية ولا تحفل بقوانينها، وإنما الدولة كيان مستقل تسعى لفرض سيطرتها ولو على حساب المبادئ والأفكار، ويُعدُّ غالبية أعضاء الحزب الجمهوري من المنتسبين إلى المدرسة الواقعية، ومنهم: أيزنهاور الذي انقلب على أول حكومة ديمقراطية في إيران لتأميمها النفط، وجورج بوش الذي غزا العراق للحصول على ثرواتها.
وعلى أفكار الإنجليزي جون لوك قامت المدرسة الليبرالية أو المثالية التي ترى المركزية لحرية الفرد والثقة في عقله وتصرُّفه دون وصاية من خارجه، ووظيفة الدولة هي أن تحميه لا أن تحكمه، فالخير أصل في الإنسان، والسلام نشهده في أغلب دول العالم، وهدف الدولة الليبرالية تحقيق مصلحة شعوبها لكن في إطار أخلاقي، ولها أن تخضع لقوانين دولية لتحقيقها دون الحاجة إلى فرض السيطرة واللجوء إلى الحرب، والاتحاد الأوروبي شاهد على ذلك، وفي الجانب الاقتصادي تأبى تدخُّل الدولة لتحقيق المساواة الاقتصادية، بل عليها إتاحة فرصة متساوية للجميع.
أما المدرسة الماركسية المنسوبة إلى الفيلسوف الألماني كارل ماركس الذي عاين مساوئ الرأسمالية وانتقدها، وأسس نظرية ذات بُعد فلسفي واقتصادي وسياسي، والبعد السياسي هو الأكثر ارتباطًا بالعلاقات الدولية، إذ يرى الدولة شرًّا في الأصل لكن يُتقبَّل وجودها كقنطرة تاريخية تطوُّرية إلى أن يتمكَّن المجتمع من إدارة نفسه دون الحاجة إلى دولة، ذلك لأن الدولة شكل من أشكال الرأسمالية التي تقسِّم المجتمع إلى طبقات غنية وفقيرة، وتتحدَّد سلوكياتها بمحدَّدات اقتصادية بحتة، فإذا وُزِّعت الثروات (من كلٍّ حسب طاقته ولكلٍّ حسب حاجته)، فيعني هذا وصول المجتمع إلى الشيوعية حيث لا وجود للدولة، وهي غاية الماركسية، وعلى هذا لا يقرُّ الماركسيون القوانين والأنظمة الدولية لأنها تخضع -في رأيهم- لسطوة الطبقات الأرسطية والشركات الكبرى، والثورة هي مصدر التغيير الحقيقي.
الفكرة من كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
ويشبِّه المؤلف علم العلاقات الدولية بملعب كرة القدم الذي يكون فيه اللاعبون من الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعدِّدة الجنسيات، ويكون القائد أو المدرِّب هو الأمم المتحدة، وتلعب القوانين الدولية دور الحَكم بين اللاعبين.
كذلك هناك محلِّلون لسلوك الدول والمنظمات، والتنبُّؤ بمصير العلاقات الدولية في المستقبل، ومنظِّرون لتقديم اقتراحات لحل المشكلات الدولية، أو لطرح نظريات لما ينبغي أن يكون عليه العالم، أما شعوب العالم فما هي إلا جمهور متفرِّج لا يحقُّ له النزول إلى ساحة الملعب.
ولعلَّ لفظة “السياسة الدولية” هي المصطلح الأدقُّ لذلك العلم لأنه يشمل دراسة الكيانات المحسوسة وليس فقط العلاقات، ويدخل ضمنه الفاعلون السياسيون غير الدول كالشركات والمنظمات، ولكن مصطلح “العلاقات” هو الأشهر بين الأكاديميين.
مؤلف كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
نايف بن نهار: مدير مركز ابن خلدون للعلوم الاجتماعية والإنسانية في جامعة قطر، حصل على بكالوريوس في الدراسات الإسلامية من جامعة قطر عام ٢٠٠٨، وحاز درجة الماجستير في تخصُّص الفقه وأصوله عام ٢٠١١ من الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا، ثم درجة الدكتوراه بالتخصص نفسه عام ٢٠١٤، كما حاز من الجامعة نفسها دكتوراه ثانية في العلوم السياسية عام ٢٠١٨، إذ قدَّم الدكتور نايف نظرية جديدة في علم العلاقات الدولية تسمَّى “الذراع الرادعة”، وحصل على ملكيَّتها الفكرية في السابع من فبراير عام ٢٠١٦.
من مؤلفاته:
– دعوى التلازم المنطقي بين الإسلام والعلمانية.
– نحو منهجية مقترحة لتأسيس علم الاستغراب.
– الصيرفة الإسلامية في دولة قطر.