التسويف
التسويف
التسويف من أكثر العادات انتشارًا وسيطرةً على حياتنا، وتعوقنا عن إنجاز الكثير، معوِّضة إيانا بلذَّة مؤقَّتة يعقبها ندم دائم، وكلمة التسويف | Procrastination، هي من أصل لاتيني، مقطع pro يعني التأجيل، ومقطع crastinus يعني غدًا، ويمكن تعريفه على أنه فشل في تنظيم النفس، فنجد أنفسنا غير قادرين على تنظيم سلوكنا، في حين أننا نعلم ما الذي يجب أن نفعله، وأثبتت الدراسات النفسية أن أغلبنا يكون مدركًا لعواقب التسويف، ويعلم أنه ليس بالأمر الجيد، فهو يؤدي إلى ضعف الاهتمام بالنفس، والكثير من الضغط النفسي الذي قد يوصل إلى اضطرابات القلق والاكتئاب، ورغم معرفتنا كل ذلك، فإن مشاعرنا السلبية قد تدفعنا إلى المزيد من التسويف.
تنقسم أسباب التسويف لعدة عناصر: أول الأسباب السمات الشخصية، فبعض الأشخاص يكون من سماتهم الشخصية أنهم لا ينجزون المهام في وقت محدد، ولا يلتزمون بخطة عمل مجدولة، وثاني الأسباب المهام المسندة إليك، فكلما كانت المهمة أكثر تعقيدًا، أو كنت تؤديها وأنت مجبر عليها، كانت أكثر صعوبة عند الإنجاز، وأكثر قابلية للتسويف، وثالث الأسباب الأعذار الوهمية وانتظار الظروف المثالية، فتجد بعضهم ينتظر أن تصير الساعة التاسعة بالضبط ليبدأ، ولكن ستظل هناك الكثير من الأشياء غير المكتملة، وأفضل شيء هو أن تبدأ على الفور دون إعطاء نفسك الفرصة لاختلاق أعذار.
وتحدث دائرة التسويف كالتالي: تكون أمامك مهمة تريد إنجازها وتفكِّر بالبدء، ولكن لا تشعر بالراحة، فتقرِّر تأجيلها حتى تشعر بالإقبال على أدائها، ثم تشعر بالذنب والتوتر لأنك لم تبدأ فيها بعد، وبعدها تشعر بالمزيد من المشاعر السلبية، والمزيد من التسويف، وهذه الدائرة ناتجة عن تأجيلنا للمهام لأننا نشعر بأننا في مزاج سيئ للعمل، وافتراض أننا سوف نتحسَّن في المستقبل وننجز ذلك العمل، ولتجنُّب الوقوع في دائرة التسويف يلزمك الابتعاد عن المشتِّتات، فقم بإغلاق هاتفك، والابتعاد عن الضوضاء، وابحث عن التحدي، إذ أثبتت الدراسات أن صعوبة المهام لا تشكِّل عائقاً كبيرًا كما هو متخيَّل، فالمهام الصعبة تشعرك بالقيمة، والرضا عن نفسك، على عكس المهام السهلة التي تشعرك بالملل الذي يضعف التركيز.
الفكرة من كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
في مراحل الحياة المختلفة تعصِف بنا العديد من المشكلات، والصعاب النفسية، نظن وهمًا أننا تجاوزناها، ولكن الحقيقة الأليمة أننا قمنا بدفنها بأعماق أنفسنا دون حتى أن نقوم بمواجهتها، لنكتشف بالنهاية أننا لا نحسن التعامل مع أنفسنا، ولا نفهمها، وبالتالي نصدر عليها الكثير من الأحكام القاسية، فيختل ميزان الحياة دون أن ندرى أن الأمر برمته ليس وليد تلك اللحظة، بل هو وليد العديد من التراكمات والخذلان والقسوة على النفس، وندرك أخيرًا أن المشكلة الوحيدة نابعة من طريقتنا في الحكم على أنفسنا.
وهذا الكتاب -عزيزي القارئ- هو دليلك للتعامل مع نفسك، وفهمها بشكل أفضل حتى تصل إلى مبتغاك وهو سكينتك النفسية، وتعرف جوانب نفسك، ونقاط ضعفها وقوتها وكيف تقاوم أمراضك النفسية، وتتغلَّب على الجلد الذاتي، لتكمل حياتك وأنت متصالح مع ذاتك؛ مهتمًّا بها؛ مقدمًا لها العون والمساعدة.
مؤلف كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
محمد إبراهيم: كاتب وطبيب نفسي، وباحث ماجستير بجامعة عين شمس، قام بتقديم العديد من الدورات، والمحاضرات التدريبية، مثل: (دورات السكينة النفسية، والثقة بالنفس، والكمالية)، وتصدَّر العديد من المنصَّات الإعلامية في السنوات السبع الأخيرة، وحظي بإقبال كبير من مختلف الجنسيات والأعمار، وهدفه من نشر كتبه ومحاضراته توثيق معاني الصحة النفسية بشكلها الصحيح داخل نفوس القراء، وتدريب أكبر قدر ممكن من فئات المجتمع على التعامل بمرونة في شتى المواقف بشكل نفسي سليم، وطريقه نحو ذلك هو تبسيط مفاهيم علم النفس ليستوعبها عامَّة الناس، وهذا هو الكتاب الوحيد المنشور من أعماله.