الفكر والدين.. هل يتفقان؟!
الفكر والدين.. هل يتفقان؟!
يتميز القرآن بميزة التنويه بالعقل والاعتماد عليه في كل ما يتعلق بالعقيدة والأوامر والنواهي، فقد جعل العقل مرجع الإنسان فى كل أمورِه ولم تأتِ تلك بالمصادفة في سياق آياته، بل جاءت مؤكدة مُفصَّلة لكل معنى من معاني العقل ما بين العقل الوازع المدرك وغيره.
ويدل لفظ “عقل” على صفة يُشار بها للوازِع الأخلاقي في التفريق بين الصواب والخطأ وكذلك الاحتراس والتنبيه، ومن أهم خصائصه ملَكَة الإدراك وتلك التي تعني النظر في أسباب الأمر وعواقبه دونًا عن عواقِبِه الدينية، أما أعلى تلك الخصائص فهو “الرُّشد”، الذي هو تمام التَّكوين في العاقل، لا نقص فيه ولا اختلال وهو الذي ينجو بصاحبه من أي نقص.
وبالمعنى العام فقد شمل القرآن الكريم كلَّ تلك الوظائف حين خاطب العقل، فنجد بعد أمثالٍ أو تحذير أو تنبيه كقوله تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، وقوله: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾؛ إذًا فالإسلام لا يعرف ما هو مُنافٍ للعقل بل ذلك الذي يتوصل فيه العاقل المدرك إلى كل شيء صائب، وأن الدِّين لا يُمَيِّز إلا بالعقل والسعي.
ويشير العقاد إلى أنه لا يجوز لإنسان أن ُيعطل عقلَه خوفًا من مخلوقٍ مثلِه أو إرضاءً له، وقد ذَكر القرآن أن أكبر الموانع التي تعطل العقل هي عبادة السلف وتسمى بالعُرف أو الاقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية أو الخوف المهين من السلطة الدنيوية والذي نتيجته أن يعطل الإنسان عقله إرضاءً لمن يُسخره باسم الدين في ما هو ضد الدين؛ فالإنسان إذا اهتدى بعقله رأى الصواب ونجا من كل قسرٍ وتسخير وارتفع بكرامته وضميره، وحق العقل عليه أن يذلل العقبات ولو كانت بمشقة، فتلك المشقة أهون عليه من سلب كرامته، وهنا يزن القرآن الأمور، فقد أمر بطاعة أولي الأمر، ولكن طاعة يتفكر فيها العقل وليست بالطاعة العمياء فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
الفكرة من كتاب التفكير فريضة إسلامية
يتطرق الكتاب إلى العديد من الموضوعات الجوهرية التي أثارت جدلًا عند الكثير من المسلمين، ويُسلط الضوء عليها، وقد يُخيَّل إلى قارئ العنوان أنها موضوعات منطقية بها الكثير من التنظير، إلا أنها تجعل قارئها يزداد معرفة ترفع من بصيرتِه وفكرِه، ويوضح لنا “العقَّاد” علاقة الدين بكل أمور الحياة وعلاقة التفكير بالدين، ذلك التفكير الذي يقودنا إلى دربٍ من دروب الفلسفة والمنطق، وموقف الإسلام منهما ومن العلم والمذاهب الاجتماعية الحديثة، وكذلك العرف والعادات.
مؤلف كتاب التفكير فريضة إسلامية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964)، أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية.
ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت المئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
سلسلة العبقريات.
الفلسفة القرآنية.
أثر العرب في الحضارة الأوروبية.
حياة قلم.