تاريخ وكالة الأمن القومي NSA
تاريخ وكالة الأمن القومي NSA
تمتلك وكالة NSA برنامج التبليغ عن المخالفات Whistleblower كغيرها من المؤسسات، ولكن الإخطار بالمخالفة لا بد أن يمر أولًا بمرتكبيها، وهذا يعرض الموظف المسؤول عن التبليغ للمساءلة كما حدث مع “توماس درايك”، أحد المديرين التنفيذيين في الوكالة، عندما بلغ أن بعض العمليات تخل بالدستور، فانتهى به الأمر إلى حكم قضائي بإطلاق سراح مشروط، ما يعني أنه لا يمكن أن يحدث إصلاح داخلي من أسفل الهرم إلى أعلاه؛ لا بد من تعديل السياسات الوضعية التي تحكم المنظومة من أعلى، وقد يتطلب ذلك ضغطًا شعبيًّا وبرلمانيًّا واسعًا، وهو ما كان “سنودن” يسعى لأجله بنشر هذه المعلومات للجميع.
يتوافق هذا الفكر أيضًا مع تاريخ الوكالة منذ تأسيسها عام 1952م، ويتكون من أربع مراحل؛ المرحلة الأولى استمرت حتى عام 1978م ثم انتهت ببلاغات تشير إلى انتهاكات عديدة بحق شخصيات عامة مثل “مارتن لوثر كينج”، والملاكم “محمد علي” وغيرهما من المعارضين لحرب فيتنام بأمر من الرئيس “نكسون”، وعلى خلفية هذه التجاوزات تم تمرير التشريع FISA، الذي يستوجب وجود أمر قضائي لتنفيذ عمليات تجسس على أرض الولايات المتحدة الأمريكية.
بفضل هذه البلاغات وغيرها، كانت المرحلة الثانية من التاريخ محملة بقيود سياسية حددت وقننت العمليات الاستخباراتية للوكالة، وقد ظل الأمر كذلك حتى 2001م، عندما بدأت المرحلة الثالثة التي منحت كل الصلاحيات الممكنة وحتى غير القانونية لحماية المهام التجسسية ثم الاحتفاظ بأكبر قدر من المعلومات تسمح به التكنولوجيا، تحت ذريعة أن هذه المعلومات تسهم في الحماية من العمليات الإرهابية، ولم تكن هذه الحقائق مطروحة على الساحة السياسية للمناقشة، بل لم يكن يعلم بها أو بمدى التطور والتنفيذ الفعلي على أرض الواقع إلا القليل، ومن الممكن أن تسريبات سنودن فتحت بابًا لما يمكن أن تكون المرحلة الرابعة في هذا التاريخ لمراجعة وتعديل المرحلة السابقة لها.
الفكرة من كتاب ملفات سنودن: القصة الخفيّة لأكثر رجل مطلوب في العالم.
في اليوم الخامس من شهر يونيو عام 2013م، نشرت صحيفة الجارديان الأمريكية مقالًا حصريًّا؛ محتواه أن وكالة الأمن القومي بالولايات المتحدة الأمريكية NSA نفذت عمليات تجسس بحق مواطنيها عن طريق إجبار شركة الاتصالات Verizon بتسليم جميع السجلات الهاتفية الخاصة بعملائها، وقد استدلت الصحيفة على صحة هذه المعلومات بمجموعة ملفات تم تسريبها بواسطة أحد العاملين المجهولين بالوكالة.
لم تكن هذه المقالة هي الأخيرة من نوعها، فقد تلتها مجموعة من المقالات التي تحتوي المزيد من التسريبات وتتشارك الخبر المقلق ذاته؛ وهو انتقال عمليات التجسس من المجال الحربي والبحث عن المعلومات التكنولوجية لتعزيز الأمن القومي إلى المجال الشخصي، حيث يتم استهداف الأفراد العاديين والمواطنين بشكل دوري، مع الاحتفاظ بهذه المعلومات الخاصة بل وتوظيفها للملاحقة القانونية عندما يقتضي الأمر.
بالطبع أثارت هذه الأخبار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لتهديدها المباشر للحرية الشخصية وخصوصية الأفراد، ما أدي إلى نشوء مناظرات وظهور ردود أفعال عديدة حول الأمر، لاحقًا نُسِبَت هذه التسريبات إلى الموظف السابق بالوكالة “إدوارد سنودن”، الذي تعاون مع صحيفة الجارديان على نشر أكبر تسريب استخباراتي في العالم الحديث، يحتوي العمليات الشديدة السرية للتجسس التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية على جميع المواطنين في العالم.
مؤلف كتاب ملفات سنودن: القصة الخفيّة لأكثر رجل مطلوب في العالم.
لوك هاردينج: هو مراسل صحيفة الجارديان للشؤون الخارجية في روسيا منذ عام 2007م، حتى تم ترحيله عام 2011م لنشره عدة مقالات شائكة عن السياسة الروسية تحت قيادة الرئيس “فلاديمير بوتين”.
حصل “هاردينج” على البكالوريا الدولية من جامعة أتلانتك، ودرس اللغة الإنجليزية في جامعة أوكسفورد، كما عمل مراسلًا في العديد من الدول، منها الهند وليبيا وأفغانستان، ومن مؤلفاته في مجال التسريبات الاستخباراتية: كتاب “ويكيليكس” الذي صدر عام 2011م بالتعاون مع الصحفي “ديفيد ليج” عن وقائع تسريبات ويكيليكس الشهيرة، وفي عام 2014 حصل “هاردينج” على جائزة جيمس كاميرون لمجمل أعماله المنشورة حول تسريبات “ويكيليكس” و”ملفات سنودن”.
من أهم مؤلفاته:
WikiLeaks: Inside Julian Assange’s War on Secrecy
Mafia State: How one reporter became an enemy of the brutal new Russia