تهيئة المراهق للبلوغ
تهيئة المراهق للبلوغ
التهيئة لمرحلة البلوغ هي إعداد الطفل في جهات عدة منها، النفسية، والخُلقية، والجسدية، والمحافظة على فطرته، وهناك أربعة محاور لتهيئة الطفل المراهق للبلوغ، وهي: تهيئة عقل الطفل من حيثُ تصحيح الإدراك والفعل والإرادة، حيث قال فيها ابن عاشور: “إصلاح عقل الإنسان هو أساس إصلاح جميع خصاله، ويجيء بعده الاشتغال بإصلاح أعماله”، ثم تهيئته بجميلِ الخُلق والطباع الحسنة، فكما قال ابن القيم هنا: “ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلقه، فإنه ينشأ على ما عوَّده المربي في صغره من حرد، وغضب، ولجاج، وعجلة، وخفة مع هواه، وطيش وحِدّة؛ فيصعب عليه عند كبره تلافي ذلك”، ثم تهيئة جوارح الطفل، من خلال تعويده على العبادات مثل، الأذكار، والصلاة والحرص عليها، وصلاة الجماعة، والصيام، واصطحابه في الحج، ثم تهيئة الطفل اجتماعيًّا، عن طريق التفريق بين الأولاد والبنات في المضاجع، وتعليمهم آداب الاستئذان، هذه كلها تهيئة عامة لمرحلة البلوغ.
لكن حتى نتفهَّم دخول الطفل مرحلة البلوغ نرى عليه علامات، ومنها: الاحتلام، وإنبات الشعر على عانة الرجل والمرأة، وبلوغ السن وهو خمسة عشر عامًا، ما لم يظهر عليه علامات البلوغ السابقة فلنحتكم حينها إلى السن، ويزيد عند الأنثى نزول الحيض، وحدوث الحمل، وحينها يجب على الأهل زيادة العناية بنقاط مهمة مثل: رعاية الفطرة وتعميق التعلُّق بالله (عز وجل)، والعناية بنفسه وبِهمَّتهِ، والعناية بعباداته، كما يجب رعاية جوانب عدة عند البالغ، ومنها: الجانب العقلي، حيثُ يقول ابن قدامة (رحمه الله): “فإن البلوغ مظنَّة كمال العقل الذي يتمكَّن به من التصرُّف على وجه المصلحة”، واهتمام المربين بالجانب النفسي عند البالغ، من خلال ربطه بالتكاليف الشرعية، وقدرته على القيام بها فيزيد من ثقته بنفسه، ورعاية الجانب الاجتماعي، من خلال تربيتهم على أنهم مُكلَّفون بـ”مهام اجتماعية”، مثل: التكاليف الشرعية ولوازمها، والاستقلال، والمساواة في الأحكام الشرعية بينهم وبين الراشدين، والتدرُّج في تطبيق أعمال التكاليف الشرعية، وفي هذا كله إشارة إلى المربِّي لكي يصبر على أخطاء حديث العهد بالبلوغ حتى يتعلَّم بسبب ضعف مهاراته وتجربته.
الفكرة من كتاب دعه فإنه مراهق.. قراءات في تحرير مصطلح المراهقة
حين يتخطَّى الإنسان فترة الطفولة، سريعًا ما نُبرِّر كل تصرُّف أهوج له بأنه مراهق فاتركه! وقد يصل إلى أننا نرفع عنه كل خطأ يقع فيه، احتجاجًا بهذا المصطلح الذي بنسبة كبيرة هو مصطلح غربي منقول لنا دون تنقية منهجية شرعية أو لغوية، لكن السؤال هنا: هل حقيقي أن المُراهق إنسان مضطرب؟ وما مدى صحَّة ذلك؟
هذا ما سنكتشفه في رحاب هذا الكتاب، ويجعلنا نقف ناقدين لهذا المصطلح وهو “المراهقة”، بل يُغير نظرتنا تجاه هذه المرحلة، ويجعلنا متسائلين عن ماهية هذا المصطلح ومعاييره، وأيضًا حرَّر لنا الكاتب بشكل جديد مصطلح المراهقة عند الغرب والعرب، ومرحلة المراهقة في الإسلام، وكيفية تهيئة الطفل للبلوغ.
في هذا الكتاب سنُحرِّر أنفسنا قليلًا من عبء الدراسات الغربية التي فُرِضَت علينا دون تفكير ناقد منا، حتى نأخذ ما يُناسبنا، ونترك ما لا يُناسب مجتمعنا وأفكارنا، وكما قال الدكتور عبد الوهاب المسيري (رحمه الله): “نقوم بنقل أطروحات الغرب بكفاءة غير عادية تبعث على التثاؤب والملل”.
مؤلف كتاب دعه فإنه مراهق.. قراءات في تحرير مصطلح المراهقة
عبد الله الطارقي: باحث في قضايا الطفولة والشباب، ومهتم بأصالة العلوم النفسية من معارف الوحي.
ومن مؤلفاته أيضًا: “من لم يكن مهندسًا فلا يدخل منزلي”.