مصطلح المراهقة
مصطلح المراهقة
المصطلح أداة مهمة لخدمة العلوم، ودليل مُيسَّر لتجميع معانٍ متعدِّدة لعلمٍ في مفهومٍ واحدٍ، ويُسمَّى بـ”علم الاصطلاح”، وعرَّفَ الكاتب الاصطلاح أنه “أداة البحث، ولغة التفاهم بين العلماء”، ولقَّبه علماء السوفييت بـ”علم العلوم”، ولقَّبه أيضًا ابن فارس بـ”الاسم الصناعي”، ويتكوَّن المصطلح من ثلاثة أنواع: مصطلح بالحرف مثل الرموز عند المهندسين والكيميائيين، ومصطلح بالأرقام، ويوجد عند المؤرخين، ومصطلح بالألفاظ وهو منتشر في مختلف العلوم، وقد يكون مفردًا أو مركَّبًا.
والمصطلحات هي قضية تشغل العلماء وبخاصةٍ العرب، لأنها تُنقل من ثقافة إلى أخرى، دون تمييز في المضمون أو الاختلاف الفكري، لذا يجب أن نسلِّط الضوء على المصطلح المترجم بشكل خاص، بسبب كثرة إدخاله على مختلف العلوم العربية، ما أثَّر بالسلب في المصطلحات العربية، دون وضعه تحت مقاييس اللغة والشريعة العربية، وهذا أخلَّ ببعض مصطلحات اللغة العربية الأصلية لكثرة الاختلاف في ترجمة وفهم أعجميَّة بعض المصطلحات في بعض العلوم، مثل: علم النفس والفلسفة والاجتماع، وغيرها.
وأكثر المصطلحات انتشارًا في علم النفس هو مصطلح المراهقة Adolescence، وجاءت فيه تعريفات كثيرة منها: أنه يبدأ بالبلوغ وينتهي عند مرحلة النضج، أو أنه يمتدُّ من عُمر الحادية والعشرين حتى الرابعة والعشرين أو أنها مرحلة تقع بين مرحلتي الطفولة والنضج، أي من عُمر الثالثة عشرة حتى العشرين، وتتميَّز بحدوث تغيُّرات بدنية ونفسية، لكن أفضل تعريف لها هو تعريف Ford & Beach، ويُعرِّفان المراهقة بأنها هي الفترة الممتدَّة من البلوغ حتى النضج التناسلي الكامل، وعلى كُلٍّ من هذه التعريفات نصل إلى أن مصطلح المراهقة في علم النفس، هو التغيُّرات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، ويصل فيه الإنسان إلى مرحلة بلوغ جنسي تام، وهو يختصُّ المرحلة العُمرية من البلوغ إلى النضج، لكن ذلك كله يتعارض مع المفاهيم الشرعية واللغوية العربية، بسبب الرابط الوثيق بين المصطلح والمرحلة العمرية وتحديد الحكم الشرعي لأجله، وهذا لا يتحقَّق في المصطلح المُترجم عن مرحلة المراهقة.
الفكرة من كتاب دعه فإنه مراهق.. قراءات في تحرير مصطلح المراهقة
حين يتخطَّى الإنسان فترة الطفولة، سريعًا ما نُبرِّر كل تصرُّف أهوج له بأنه مراهق فاتركه! وقد يصل إلى أننا نرفع عنه كل خطأ يقع فيه، احتجاجًا بهذا المصطلح الذي بنسبة كبيرة هو مصطلح غربي منقول لنا دون تنقية منهجية شرعية أو لغوية، لكن السؤال هنا: هل حقيقي أن المُراهق إنسان مضطرب؟ وما مدى صحَّة ذلك؟
هذا ما سنكتشفه في رحاب هذا الكتاب، ويجعلنا نقف ناقدين لهذا المصطلح وهو “المراهقة”، بل يُغير نظرتنا تجاه هذه المرحلة، ويجعلنا متسائلين عن ماهية هذا المصطلح ومعاييره، وأيضًا حرَّر لنا الكاتب بشكل جديد مصطلح المراهقة عند الغرب والعرب، ومرحلة المراهقة في الإسلام، وكيفية تهيئة الطفل للبلوغ.
في هذا الكتاب سنُحرِّر أنفسنا قليلًا من عبء الدراسات الغربية التي فُرِضَت علينا دون تفكير ناقد منا، حتى نأخذ ما يُناسبنا، ونترك ما لا يُناسب مجتمعنا وأفكارنا، وكما قال الدكتور عبد الوهاب المسيري (رحمه الله): “نقوم بنقل أطروحات الغرب بكفاءة غير عادية تبعث على التثاؤب والملل”.
مؤلف كتاب دعه فإنه مراهق.. قراءات في تحرير مصطلح المراهقة
عبد الله الطارقي: باحث في قضايا الطفولة والشباب، ومهتم بأصالة العلوم النفسية من معارف الوحي.
ومن مؤلفاته أيضًا: “من لم يكن مهندسًا فلا يدخل منزلي”.