تأثير المناخ الثقافي والاجتماعي في بيئة العمل
تأثير المناخ الثقافي والاجتماعي في بيئة العمل
لتأكيد أهمية المناخ الثقافي في تحديد طبيعة العلاقات، وكذلك النتائج الحقيقية في الشركات؛ تذكر الكاتبة حادثة المركبة الفضائية “كولومبيا” التابعة لوكالة ناسا، ففي عام 2003 حيث حدث تفكُّك في المركبة عقب دخولها الغلاف الجوي، ما أدَّى إلى وفاة طاقم العمل المكوَّن من سبعة رواد فضاء، وبالتحقيق في أسباب هذه الكارثة، تبيَّن أن عدم الصدق في التواصل بين طواقم العمل من المهندسين والتقنيين وطبقة الإداريين أسهم في وقوع هذه الأزمة، ولذا فهي تعتقد أن عدم وجود أصوات ناقدة ومعارضة يمكن أن يتسبَّب بالأضرار العديدة على مستوى الأفراد والمؤسسات على السواء، وأن خلق بيئة عمل تقوم بتمكين الموظفين عن طريق إتاحة الفرص وتسهيل التواصل للحديث والتعبير عن الآراء مع العناية بها، له آثار إيجابية في الفرد كونه يشعر بالتقدير والانتماء، وهو أيضًا يساعد المؤسسات على الابتكار وإيجاد حلول للمشكلات، بل وتفادي الكوارث المحتملة في بعض الأحيان.
وإلى جانب بيئة العمل الصحية التي تسمح بالاختلاف وتكافئ الشجاعة والتصريح بوجهات النظر السليمة، يحتاج الموظفون إلى عقد علاقات اجتماعية جيدة بزملائهم ورؤسائهم على السواء، لأن العلاقات السيئة تهدِّد التعاون والنجاح في العمل، والذي بدوره يجعل الموظفين يشعرون بالتعاسة والفشل، وقد يصل الأمر إلى فرض حالة من العزلة التي لا يمكن أن تفيد المؤسسة أو العاملين بها بأي شكل، ومع اتصاف العمل بالتكرار أو التفاهة؛ تزداد احتمالات الاستقالة، أو عدم القيام بالعمل على أكمل وجه.
الفكرة من كتاب وباء الإنهاك
هل تعلم كم يكلفنا إنهاك العمل الناتج عن سوء الإدارة سنويًّا؟ تشير “موس” إلى أنه يتسبَّب في نحو 120 ألف وفاة سنويًّا، ويحتل المركز الخامس في قائمة الأسباب التي تؤدي إلى الموت في الولايات المتحدة، هذا إلى جانب تريليون دولار خسائر اقتصادية ومليارات أخرى تهدر على الرعاية الصحية، حتى إن اليابان تمتلك خطًّا ساخنًا لمواجهة زيادة حالات الانتحار الناتجة عن العمل؛ كما أن جائحة كوفيد-19 أسهمت في تفاقم هذه الظاهرة بسبب فرض التباعد الاجتماعي واقتصار بعض الأعمال على التواصل الافتراضي، إضافةً إلى اختفاء الحد الفاصل بين العمل وممارسة الحياة العادية، ما جعل البعض يصابون بالإنهاك الذي يبدأ فى صورة إرهاق واستنزاف للطاقة مرورًا بانفصال ذهني تام عن العمل وانهيار في الإنتاجية المصاحبة له، وهذه العملية عادةً ما تؤدِّي إلى الإصابة بالأمراض النفسية مثل القلق وشيوع السلبية والتشاؤم المطلق، ويناقش الكتاب الأسباب التي قد تدفع بالشخص إلى الإعياء، وما الأساليب التي يمكن أن تواجه هذه المشكلة، وكيف يمكن عن طريق التواصل السليم وبناء الثقة أن تصبح بيئة العمل مكانًا يوفر الاحتياجات الذهنية والمادية للعاملين دون أن يتم استنزافها.
مؤلف كتاب وباء الإنهاك
جينيفر موس: هي مؤلفة متخصصة في الشؤون الإدارية لتحسين بيئات العمل، وهي عضو منشئ في مؤسسة Plasticity Labs الاستشارية للدراسة وتقديم الحلول فيما يتعلق بمقرات العمل، وتقوم جينيفر بالكتابة بشكل دوري لمجلة Harvard Business Review ومؤسسة SHRM لإدارة الموارد البشرية، كما أنها عضو منظمة السعادة العالمية التابعة للأمم المتحدة، كما تسهم في صناعة تقارير السياسة العام الخاصة بالمؤسسات وغيرها، ومن أشهر مؤلفاتها كتاب “Unlocking Happiness at Work” الفائز بجائزة Independent Press Award لعام 2018.