عجمةٌ في النحو والصرف
عجمةٌ في النحو والصرف
أصابت العُجمة أبواب اللغة المختلفةِ، ففي النحوِ نجد الناس في عصرنا يركزون على الإعراب فقط ناسين أن النحو –كما ذكر ابن جني في كتاب الخصائص- هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره، فانتشرت أخطاءٌ وغُلِّبت استعمالات أعجمية. فإذا نظرنا في باب النعت مثلًا، وجدنا اللغات الأخرى تتوسع في استعماله، فتستعمله للمفاضلة كقولهم (الأكلة الألذ)، بينما العرب يستعملون الإضافة عادةً كقولنا (ألذ أكلة)، وإن استعملوا النعت للمفاضلة جعلوه موافقًا للموصوف في التذكير والتأنيث والعدد، فلا يقولون (الأمهات الأكرم) بل (الأمهات الكُرميات أو أكرم الأمهات)، وغالبًا يُقصد باستعمال اسم التفضيل نعتًا أن الموصوف بلغ الغاية في الصفة وليس المفاضلة والمقارنة، ويُستعمل النعت في غير العربية أيضًا بدلًا عن الإضافة، كقولهم (الرئيس المصري) بدلًا عن (رئيس مصر) والأولى يفهم منها أنه رئيس لأمرٍ ما وأنه من مصر وليس أنه يرأس مصر. وكذلك يُستعمل في بيان جنس الشيء كقولهم (خاتمٌ فضي) والعرب تقول (خاتم فضةٍ) أو (خاتم من فضة). وإذا نظرنا في ظروف الزمان، نجد العرب تعبر عنها بالنصب كقولنا (مرضت أيامًا)، بينما يحتاج الإنجليز إلى حرف جر (for) لبيانها فتُرجمت (مرضت لأيامٍ) حتى غلب ذلك.
وكثيرٌ من الأساليب ما عدنا نراها في كتابات عصرنا لأنه ما من مقابل لها في اللغات التي يُترجم عنها كالإنجليزية والفرنسية، ومنها النعت السببي الذي تسبق فيه الصفة الموصوف كقولنا (الفتيان عاليةٌ هممهم)، والتنكير بالتنوين كقولنا (سقاه ماءً) وصرنا نقول (سقاه بعض الماء) كما في الإنجليزية، وقلَّ الحصر بقولِ (إلا) و(إنما) وكثر استعمال (فقط)، وكثر استعمال حروف الاستقبال (سوف والسين) كما في الإنجليزية أيضًا.
وأما باب الصرف فلم يُصبه تفرنج كثير، لكن فيه إماتة وتغليب لأساليب عديدة، مثل استعمال خبر كان وأخواتها بدلًا عن الأفعال كما في قولنا (عندما تصبح كبيرًا) بدلًا عن (عندما تكبر)، وهجر اسمِ التفضيل من الفعل الثلاثي كقولنا (هي أكثرهم جمالًا) وليس (هي أجملهم)، وصيغِ التعدية في الأفعال كقول (جعله يضحك) وهجر (أضحكه)، وصيغِ التشارك كقول (أحب بعضهم بعضًا) وهجر (تحابَّا).
الفكرة من كتاب العرنجية.. بلسانٍ عربي هجين
سرت العُجمة في أهل هذا الزمان، واختلطت العربية باللغات الإفرنجية فكانت العرنجية التي يًحدثنا عنها هذا الكتاب؛ مُبيِّنًا لنا معنى العربية الفصيحة وأهميتها، وأسباب تحوِّلها، مع أمثلةٍ تبين العُجمة في أبواب اللغة المختلفة، ومع نصائح لتقويم اللسان وترقية الملكة اللغوية.
مؤلف كتاب العرنجية.. بلسانٍ عربي هجين
أحمد الغامدي: ترجمان سعودي، درس اللغة الإنجليزية في الجامعة، ثم نال الماجستير في الترجمة، ويدرس الدكتوراه.
ومن أعماله: ترجمة كتاب اللقاءات المشرقية في بلاد الشام لمحمد مارماديوك بن بكثال.