بعض مشكلات تلك المرحلة
بعض مشكلات تلك المرحلة
من المشكلات التي تواجه الآباء في هذه المرحلة عادة إتلاف الأشياء، وهو فعل غير مقصود من الطفل، بل لفطرته على الاستكشاف والرغبة في التعرف على العالم، ومن خلال هذه التجارب تنمو مواهبه وقدراته؛ فينبغي تفهُّم الأمر والتعامل معه بحكمة من خلال إحلال بدائل يتعامل معها الطفل بحرية تشبع فضوله وتصقل مواهبه دون إتلاف الأشياء لأن كبت الأطفال وإجبارهم على الهدوء وعدم الحركة يقتل فيهم روح الإبداع ويُشعرهم بالخوف وعدم الثقة، لكن تُعد حالة مَرَضية إذا تجاوزت الحد المألوف؛ ذلك لأسباب منها التخلف العقلي وفرط نشاط الغدة الدرقية والشعور بالدونية الذي يولِّد عنده دوافع انتقامية فيجد لذَّته في تخريب الأشياء وفرض السيطرة، ومن المشكلات البارزة أيضًا العناد والميل إلى التشاجر والعدوانية، وكلها صفات طبيعية يستغلها لتلبية رغباته وإثبات ذاته أو تحدي بيئته، ولكن قد تزيد عن الحدِّ المقبول لعوامل تربوية خاطئة وأجواء محيطية محفِّزة مثل عصبية الأم الزائدة والتشاجر الدائم مع والده وتحويل البيت إلى “ثكنة عسكرية” تتم فيها الأمور بحزم شديد ولا مجال للنقاش أو المخالفة، وقد يكون لأسباب وراثية وبيولوجية كالصرع، أو نفسية كالإحباط وعدم الأمان، أو اجتماعية كالاحتكاك بنماذج عدوانية والتعرض للأفلام العنيفة والجنسية.
تكثر حالات التبوُّل اللاإرادي لأسباب عضوية كالديدان والتهاب المجاري البولية، ونفسية كالغيرة والمنافسة مع الإخوة أو المولود الجديد الذي يكون موضع اهتمام الأسرة على حساب الطفل الأكبر فينتكس إلى المرحلة التي كان يحظى فيها بالعناية والاهتمام، وتتنوَّع كذلك مخاوفه من أشياء حسية غير مألوفة أو غير حسية كالموت والعفاريت، ويُعدُّ خوف الآباء أنفسهم والبيئة المشحونة بالتوترات وتهديد الطفل بأشياء مفزعة لضبط سلوكه أو استخدام أشياء نافعة في الأصل (كالحقنة) للترهيب بها، من أبرز مصادر الخوف عند الأطفال.
ويمكن معالجة الخوف بأسلوب التعرُّض ومنع المواجهة، فمثلًا إن كان يخاف من الأرانب نساعده على تربية أرنب صغير واللعب معه، وينبغي للوالدين التفريق بين الخوف الطبيعي والخوف الشاذ أو المرضي، والسعي لبث الطمأنينة والدفء في أطفالهم وتفسير الأحداث الغريبة عنهم، وتقليل تعريضهم لمثيرات الخوف لا استخدامها في التربية، واللجوء للعلاج السلوكي في الحالات الشديدة.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
أبناؤنا هم فِلْذاتُ أكبادنا الذين استأثروا منا بكل غالٍ ونفيس، وهان لأجلهم كل صعب وعزيز رغبةً صادقة في صلاحهم وسعادتهم، ولكن الرغبة لا تعني المعرفة، وقد تضيع آمالنا بين إفراط وتفريط ناشئَين عن الجهل بوسائل التربية المناسبة لطبيعة كل مرحلة عمرية، والإحسان في التربية مطلب شرعي وعقلي وحضاري، وهو استثمار ناجح لرفعة أمتنا قبل أبنائنا، وفي هذا الكتاب وسائل تربوية ناجعة تقوم على أسس علمية أنضجتها سنوات من الخبرات العملية قضاها المؤلف في التعامل مع الأطفال، وتتسم بسهولة فهمها وتطبيقها ومراعاة كافة الجوانب، وتنأى عن المثاليات الحالمة والروافد الغريبة عن ديننا وعاداتنا.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
حاتم آدم: طبيب مصري وُلد بالقاهرة عام ١٩٥٥، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، وماجستير الدراسات الطبية والنفسية للأطفال ودبلومة الأمراض النفسية والعصبية والعقلية من جامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر، وعمل بقسم الأطفال بمستشفى الصحة النفسية في الرياض والطائف.
من مؤلفاته: الصحة النفسية للمراهقين.