أول سنتين في الحياة
أول سنتين في الحياة
يُشبع الطفل في سنته الأولى حاجاته الجسدية والنفسية بالاعتماد الكامل على الآخرين، والفم أبرز أدواته؛ فيبكي ليشير إلى جوعه أو بلله أو تمغُّصات بطنه، وخلال هذه المرحلة يستطيع الطفل التقاط الثدي ومصَّه والضحك دون قهقهة، والجلوس منحنيًا ثم الاعتدال والوقوف والمشي تلقائيًّا، كذلك تمييز الوجوه والالتفات إلى الأصوات ومسك الأشياء، والقلق من الغرباء، ثم يبدأ في الشهر التاسع بتكوين أُولى كلماته، وبالدخول في السنة الثانية يكتسب القدرة على المشي والفضول لاستكشاف الأشياء والبيئة والتعبير عن اعتراضه لأوامر الوالدين بنوبات الغضب والتمرُّغ في الأرض، واستعمال القلم وأدوات الطعام واللعب مع الرفاق، ويصبح لديه مخزون لغوي بنحو ٢٥ كلمة، وينبغي في هذه المرحلة تعويد الطفل على التبرُّز في أماكن محددة وعدم الاستجابة لرغبة التخلُّص من برازه بأي موضع وأي وقت، وذلك بالتشجيع والتدرُّج دون الشجار والعنف.
أبرز خصيصة لهذه المرحلة هي التغذية، ولا تقارن الرضاعة الطبيعية بغيرها، لما لها من فوائد نفسية وعاطفية وصحية، فضلًا عن فوائدها للأم من تقليل احتمالية الإصابة بسرطان الثدي وعودة الرحم إلى حجمه الطبيعي، إلى جانب توافرها ورخصها، حتى وإن اضطرت الأم إلى التغذية الصناعية ينبغي أن تتخذ مع طفلها وضع الرضاعة لما لهذا الالتصاق الحميمي من زيادة الطمأنينة والارتباط بين الطفل وأمه وشعورها بالأمومة، ويحتوي لبن الأم أجسامًا مضادة للميكروبات، وتخلو من المواد الحافظة التي تزيد مخزون الصوديوم في الدم وتجعله عرضة لارتفاع ضغط الدم، وينبغي أن تكون وضعية الطفل وقت الرضاعة بين الجلوس والنوم، وأن تكون من كلا الثديين في الشهور الأولى، ويستحسن استغلال لبن السرسوب الذي يُفرز من اليوم الثاني إلى الرابع بعد الولادة، ويحتاج الطفل بعد الشهر الخامس إلى إدخال بعض المغذيات الأخرى كالحديد وبعض الفيتامينات وتعويده على تذوُّق الأطعمة الأخرى حتى لا يحدث له “إدمان الرضاعة” فيرفض كل طعام سوى لبن الأم.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
أبناؤنا هم فِلْذاتُ أكبادنا الذين استأثروا منا بكل غالٍ ونفيس، وهان لأجلهم كل صعب وعزيز رغبةً صادقة في صلاحهم وسعادتهم، ولكن الرغبة لا تعني المعرفة، وقد تضيع آمالنا بين إفراط وتفريط ناشئَين عن الجهل بوسائل التربية المناسبة لطبيعة كل مرحلة عمرية، والإحسان في التربية مطلب شرعي وعقلي وحضاري، وهو استثمار ناجح لرفعة أمتنا قبل أبنائنا، وفي هذا الكتاب وسائل تربوية ناجعة تقوم على أسس علمية أنضجتها سنوات من الخبرات العملية قضاها المؤلف في التعامل مع الأطفال، وتتسم بسهولة فهمها وتطبيقها ومراعاة كافة الجوانب، وتنأى عن المثاليات الحالمة والروافد الغريبة عن ديننا وعاداتنا.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
حاتم آدم: طبيب مصري وُلد بالقاهرة عام ١٩٥٥، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، وماجستير الدراسات الطبية والنفسية للأطفال ودبلومة الأمراض النفسية والعصبية والعقلية من جامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر، وعمل بقسم الأطفال بمستشفى الصحة النفسية في الرياض والطائف.
من مؤلفاته: الصحة النفسية للمراهقين.