الزوجة أولًا
الزوجة أولًا
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “تخيَّروا لنُطَفكِم فإن العرق دساس”؛ فتنشئة أبناء أسوياء نفسيًّا وبدنيًّا وأخلاقيًّا تبدأ من حسن اختيار أمهم؛ فلو كان الاختيار قائمًا على نزوة أو مصلحة فلن تخلو الحياة بين الزوجين من قلاقل، وآثار ذلك كثيرة منها ارتفاع مستوى الأدرينالين في الدم فتتقلَّص الأوعية الدموية ويقل حجم الدم الواصل إلى الجنين مؤثرًا في نموه، ويمر الهرمون نفسه عبر المشيمة فتصيب الجنينَ عدوى القلق والانفعال بعد ولادته، وتشير الأبحاث أن أفضل سِن للولادة هو ما بين ٢٢ إلى ٢٩، بينما يزداد خطر الإصابة بالتخلُّف العقلي ونقص المهارات الحركية الدقيقة للطفل في الحمل بعد الأربعين، أما الحمل دون العشرين فيزيد احتمالية الولادة المبكرة ونقص وزن المولود عن المعدلات الطبيعية، ويحدث ذلك أيضًا للأمهات العاملات خلال الشهور الأخيرة ومع ضغط الدم المرتفع، وينبغي الكشف عن العامل الريصي الذي يؤدي اختلافه بين الزوجين إلى مضاعفات خطيرة.
تتأثَّر حالة الطفل بالعوامل الوراثية؛ فاحتمالية الإصابة بأمراض وراثية تزداد إلى ٨٪ بين الأقارب مقارنة بـ٤٪ بين غيرهم، ولكن الوراثة ليست المحرِّك الوحيد لحالة الطفل، بل تأخذ البيئة بنصيب وافر منها؛ فلصحة الأم النفسية والبدنية أكبر الأثر في تأمين بيئة الطفل الأولى التي هي الرحم، ومن العوامل النفسية: أن رغبة الأم في الإنجاب تجعل بيئتها الداخلية مهيَّأة لحسن استقبال الجنين واستقرار نموه داخل الرحم بخلاف لو حملت رغمًا عنها أو كانت تحاول التخلص مما في رحمها! كما أن إصابة الأم بالاكتئاب والأمراض النفسية يجعلها عرضة لسوء التغذية والأمراض الجسدية، ما يؤثر في نمو الجنين ويؤدي إلى تشوُّهات خِلْقية، وتأثير الأمراض الجسمية أوضح، ومن ذلك أمراض الضغط والسكر والحصبة الألمانية والتوكسوبلازما، وثمة عوامل أخرى كتناول عقاقير غير آمنة للحمل كالكورتيزون وأدوية الصرع والملاريا وفيتامين (أ)، والتعرض للإشعاع والتدخين والكحوليات وتلوث البيئة بالرصاص، وخطر تلك العوامل أشد في الأشهر الثلاثة الأولى.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
أبناؤنا هم فِلْذاتُ أكبادنا الذين استأثروا منا بكل غالٍ ونفيس، وهان لأجلهم كل صعب وعزيز رغبةً صادقة في صلاحهم وسعادتهم، ولكن الرغبة لا تعني المعرفة، وقد تضيع آمالنا بين إفراط وتفريط ناشئَين عن الجهل بوسائل التربية المناسبة لطبيعة كل مرحلة عمرية، والإحسان في التربية مطلب شرعي وعقلي وحضاري، وهو استثمار ناجح لرفعة أمتنا قبل أبنائنا، وفي هذا الكتاب وسائل تربوية ناجعة تقوم على أسس علمية أنضجتها سنوات من الخبرات العملية قضاها المؤلف في التعامل مع الأطفال، وتتسم بسهولة فهمها وتطبيقها ومراعاة كافة الجوانب، وتنأى عن المثاليات الحالمة والروافد الغريبة عن ديننا وعاداتنا.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
حاتم آدم: طبيب مصري وُلد بالقاهرة عام ١٩٥٥، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، وماجستير الدراسات الطبية والنفسية للأطفال ودبلومة الأمراض النفسية والعصبية والعقلية من جامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر، وعمل بقسم الأطفال بمستشفى الصحة النفسية في الرياض والطائف.
من مؤلفاته: الصحة النفسية للمراهقين.