جيل التلفزيون
جيل التلفزيون
قبل عصر التلفزيون كان خيال الأطفال محدودًا، ونتيجة لعجزهم عن القراءة كان المدخل الوحيد لهم للدخول إلى عالم الخيال هي القصص التي تُروى لهم أو تُقرأ لهم من كتاب، وعلى الرغم من ذلك كانت ساعة من الزمن يوميًّا أكثر مما يقضيه معظم الأطفال يستمعون لهذه القصص، وكان يرافقهم دائمًا شخص ناضج لكي يشرح لهم ما يستعصي عليهم، ولهذا السبب كان للتلفزيون تأثير أقوى في أطفال ما قبل المدرسة، حيث أصبح من السهل دخولهم في عالم خيالي لفترة طويلة من دون أن يصحبهم مرشد ناصح، وبعد أن تفوَّق التلفزيون على القراءة، كان لا بد من مقارنة التجربتين ومعرفة مدى تشابههما.
ووُجِد أن طبيعة التجربتين مختلفة، فعملية القراءة تشمل العديد من الممارسات العقلية المعقَّدة، فالعقل لا يسمع الكلمات فحسب أثناء عملية القراءة، فالقراءة تشمل الصور أيضًا، والاختلاف الكبير بين هذه الصور المقروءة والصور التي نتلقَّاها حين نشاهد التلفزيون يتمثَّل في أننا نخلق صورنا الخاصة حين نقرأ، بالاستناد إلى تجارب حياتنا الخاصة وحاجاتنا الفردية، بينما يجب علينا أن نقبل ما نستقبله حين نشاهد الصور التلفزيونية، فحين نقرأ نخلق برامجنا الخاصة، وتكون النتيجة تجربة تغذِّي الخيال، والقارئ مطالب بأن يكون أكثر تركيزًا من مشاهد التلفزيون، وهذا التهيؤ للتركيز الذي يُكتسَب من خلال تجارب القراءة قد يجعل المرء مشاهدًا تلفزيونيًّا غير ملائم، والعكس صحيح.
واجتمعت الأدلة على وجود علاقة سلبية بين المشاهدة التلفزيونية والتحصيل الدراسي، والاحتمالات لذلك واسعة جدًّا، فمثلًا: وجود التلفزيون في المنزل يجعل الأطفال يسهرون حتى وقت متأخر أكثر مما كان عليه أطفال ما قبل التلفزيون، وهذا يجعل الأطفال بالتأكيد أقل انتباهًا في المدرسة، وأيضًا ما زال المرء يحاول فهم العلاقة بين المشاهدة التلفزيونية والسلوك العنيف، خصوصًا مع زيادة برامج العنف في الوقت الحاضر، وتوصَّلت الدراسات إلى أن إبعاد العنف عن شاشة التلفزيون لن يخفِّف من تأثير تجريد الأطفال من الخصائص الإنسانية، لأن المشكلة لا تكمن في أنهم يتعلَّمون العنف من المشاهد التلفزيونية، وإنما لأن التلفزيون يفرض عليهم التعامل مع الناس الحقيقيين كما لو كانوا على شاشة التلفزيون، وأن بمقدروهم التخلُّص منهم ببساطة تامة بمطواة أو بندقية، وبقليل من الندم كأنهم يغلقون جهاز التلفزيون.
الفكرة من كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
قد يظن بعض الناس أن مجرد التعلُّق بمشاهدة التلفزيون عادة أو سلوك لا نقف أمامه بالدراسة أو البحث أو حتى التساؤل، ولكن لو علموا المشاكل التي قد يسبِّبها إدمان التلفزيون على الإنسان بعامة والطفل بخاصة سواء نفسيًّا أو اجتماعيًّا، لأدركوا ضرورة البحث عن علاج لهذا الإدمان، لذا يحاول الكاتب عرض الآثار السلبية لمشاهدة التلفاز على الطفل والعائلة، ويتساءل هل يمكن التخلُّص منه بكل سهولة؟
مؤلف كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
ماري وين: عالمة حيوانات أمريكية، لها العديد من المؤلفات، منها:
The Plug in Drug.
Children without childhood.
المترجم: عبدالفتاح الصبحي