التلفزيون والطفل
التلفزيون والطفل
هل يندرج مدمنو التلفزيون ضمن فئة مدمني الكعك أم فئة الإدمان المدمِّر الأشد خطورة؟ فجوهر أي إدمان خطير هو السعي وراء المتعة، وعدم القدرة على القيام بالعمل من دون المادة المسببة للإدمان، وبالنسبة للمشاهدة التلفزيونية فهي تشبه المخدرات في نقطة جعل المشاهد يمحو عالمه الحقيقي، ويدخل في حالة عقلية سارة سلبية، ويبالغ الناس بالمثل في تقدير مدى تحكُّمهم في المشاهدة التلفزيونية، وأيضًا يعيش مدمنو التلفزيون حياة مسيطرة غير مهتمين بأي إنجاز آخر، فعادةً مشاهدة التلفزيون تشوِّه معنى الوقت، وتضعف العلاقات، إذ تقلِّص فرص الحديث.
ووُجد أن البرامج السريعة الإيقاع لا تترك إلا القليل من الوقت للاستجابة والتأمُّل، وهما عنصران مهمان في الخبرة التعليمية للطفل، وفي ضوء زيادة الأدلة على كون مشاهدة أطفال ما قبل المدرسة للتلفزيون لا تؤدي إلى تحقيق مكاسب تعليمية جوهرية، يبرز السؤال: إلى أي مدى يفهم أطفال السنوات الثلاث والأربع فعليًّا ما يشاهدونه على الشاشة؟ وأوضحت العديد من الدراسات أن فهم الأطفال لما يحدث على الشاشة ضئيل جدًّا في الواقع على الرغم من حالة الانتباه التام أثناء المشاهدة، فماذا يحدث إذن حين يشاهدون التلفزيون؟ أي نوع من النشاط العقلي ينشغلون به أثناء المشاهدة التلفزيونية؟ وُجد أن هناك جوانب في نمو الدماغ قد تتأثَّر بصورة جوهرية بالتعرُّض المنتظم لمشاهدة التلفزيون، وتتصل هذه الجوانب بالطريقة الخاصة التي تنظِّم عمل الدماغ في التعامل مع المادة اللفظية وغير اللفظية، فكما هو معروف أن قشرة الدماغ تتكوَّن من فصين مسؤولين عن وظائف متخصصة، لكن لا يولد الطفل بدماغ يقوم فصَّاه بوظائف متخصِّصة، فطبعًا لا يمتلك الطفل الرضيع أي قدرات لفظية، ويسبق التطوُّر غير اللفظي التطوُّر اللفظي لديه، ولو أن الأطفال شاركوا بشكل متكرِّر في نشاط غير لفظي وبصري في المقام الأول خلال سنوات التكوين، فهل يمكن ألا يكون لذلك تأثير ظاهر في نموهم العصبي؟
لكن كشفت الدراسات عن وجود علاقة عكسية بين وقت المشاهدة والأداء في اختبارات النمو اللغوي لطفل ما قبل المدرسة، فبالتأكيد هناك فرق حاسم بين تجربة لغوية لا تتطلَّب مشاركة متبادلة كمشاهدة التلفزيون، وأخرى تتطلَّب انخراط الأطفال فيها كما يحدث في التعامل مع شخص آخر.
الفكرة من كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
قد يظن بعض الناس أن مجرد التعلُّق بمشاهدة التلفزيون عادة أو سلوك لا نقف أمامه بالدراسة أو البحث أو حتى التساؤل، ولكن لو علموا المشاكل التي قد يسبِّبها إدمان التلفزيون على الإنسان بعامة والطفل بخاصة سواء نفسيًّا أو اجتماعيًّا، لأدركوا ضرورة البحث عن علاج لهذا الإدمان، لذا يحاول الكاتب عرض الآثار السلبية لمشاهدة التلفاز على الطفل والعائلة، ويتساءل هل يمكن التخلُّص منه بكل سهولة؟
مؤلف كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
ماري وين: عالمة حيوانات أمريكية، لها العديد من المؤلفات، منها:
The Plug in Drug.
Children without childhood.
المترجم: عبدالفتاح الصبحي