التربية المتسلطة والآباء المتسلِّطون
التربية المتسلطة والآباء المتسلِّطون
لقد عاش أسلافنا مثلما عاش عدد كبير منَّا في ظل تربية قائمة على الاستبداد من جانب الوالدين، إذ تربَّوا على قاعدة: “افعل ما أقول، لأني أقول لك ذلك، انتهى”، تُبيِّن التربية الاستبدادية أن الآباء راشدون، وحازمون، وواثقون من أنفسهم، لا يتردَّدون أبدًا عند اتخاذ القرارات، ونادرًا ما أخذوا مشاعر الطفل أو ما يفضِّله بعين الاعتبار، وكان الطفل في ظل التربية القائمة على النظام الاستبدادي يعرف الحدود ويعرف عواقب أفعاله إذا رفض أن يطيع الأوامر، وكان الأهل من جانبهم يمارسون دورهم ومسؤوليتهم في توجيه الطفل دون الخوف من انتقادهم، أو كره الطفل لهم، لقد كان الطفل بالنسبة لهم يوضع في موضعه كطفل لا يحقُّ له إعطاء الرأي أو اتخاذ القرارات، أما مشاعره فكانت مهملة، فالأهل لم يكونوا يبالون بالآثار المترتبة على العنف والإذلال الذي كانوا يمارسونه.
رغم ما يُشاع عن التربية الاستبدادية، فإن لها إيجابيات عديدة، إذ إن التركيبة العائلية واضحة، فالأوامر تصدر من الأكبر سنًّا الذي يحمل المسؤولية، وعلى الطفل الطاعة، كما كان الطفل يعيش يومه في روتين مقدَّس، إذ يتناول الفطور والغداء والعشاء في مواعيد محددة، والنوم في وقتٍ محدد، وهي أشياء غير مقبول تغييرها إلا في حالات نادرة كالأفراح والمناسبات، فتوفر للطفل مناخًا خاليًا من القلق أو الخوف جرَّاء اتخاذ القرارات التي ليس عليه اتخاذها، إلى جانب أن هذا الطفل كان يملك دعم الراشدين ويعيش براءة عالم الطفولة دون تشويش أو تعكير، كما أن الراشدين كانوا ينظرون إليه كطفل، وبالتالي فهو غير ناضج وأخطاؤه راجعة إلى عدم نضجه، وإضافةً إلى ذلك كان الأهل يتحمَّلون المسؤولية كاملة ليربوه حتى يصبح إنسانًا ذا شأن يستطيع أن يتحمل مسؤولية نفسه، وفوق كل ذلك كانت الفروق واضحة بين عالم الكبار وعالم الأطفال، ولا يسمح للأطفال أن يقتحموا عالم الكبار، فالجميع يعرف مكانه وحدوده، فالأهل لم يكونوا يُطلعون الطفل على شيء إلا إذا وجدوا أن هذا الشيء مناسب لعمره، وهذا ما مكَّن الطفل أن يعيش كطفل فقط، ومن ثمَّ سمح ذلك له أن يزدهر وينمو كالوردة في البرية لا تحتاج إلا إلى البيئة الملائمة، على عكس اليوم وما نشاهده من التربية المتساهلة، والتي نجد فيها الطفل يقتحم عالم الكبار دون ردع من الأهل!
الفكرة من كتاب هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟
تبين الكاتبة في هذا الكتاب الآثار السلبية والإيجابية لكلٍّ من نظامي التربية المتبعين، وهما النظام الاستبدادي في التربية، والنظام المتساهل في التربية، وتبين أن كلا النظامين أضرارهما أكثر من نفعهما، وتوضح أنه لا بد من نقطة وسط بين النظامين تقوم على الاستفادة من الآثار الإيجابية في كلا النظامين.
مؤلف كتاب هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟
روزا باروسيو: هي دكتورة متخصِّصة في العلاقات الإنسانية والتربية، ومدربة ومحاضرة في العديد من الدول منها: الولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا، لديها 30 سنة من الخبرة في مجال تربية الأولاد وتوجيه العائلات.
معلومات عن المترجمة:
آمال الأتات: كاتبة ومذيعة ومترجمة.
من مؤلفاتها:
العلاجات الطبيعية للحرقة ولارتداد أسيد المعدة.
أهم 365 نصيحة تحتاجها كل امرأة.
ومن ترجماتها:
أنقذوا الطفل في داخلكم.
اعمل أقل تنجح أكثر! الكسل هو سر النجاح.
هل نربي أولادنا أم نفسدهم؟