حرَّاس العقيدة في نهاية عهد الدولة العثمانية (الشيخ مصطفى صبري نموذجًا)
حرَّاس العقيدة في نهاية عهد الدولة العثمانية (الشيخ مصطفى صبري نموذجًا)
بعد سقوط نظام حكم السلطان عبد الحميد الثاني، أبصر الشيخ مصطفى صبري التحديات التي تواجهها المؤسسة الدينية في ظل النظام الجديد، وهيمنة “جمعية الاتحاد والترقِّي” على الحياة السياسية في الإمبراطورية العثمانية، ومع ذلك كان حريصًا على الإفادة من النظام الجديد بعد إلغاء الرقابة التي كانت مفروضة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، والسماح بالنشاط السياسي، فشنَّ حملة للدفاع عن الهوية الإسلامية للدولة بشكل عام، وعن مصالح المؤسسة الدينية بشكل خاص، وصار من الشخصيات البارزة بين العلماء، وقام بتأسيس “الجمعية العلمية الإسلامية”، وتولَّى منصب رئيس تحرير مجلة “بيان الحق”، وركَّز في مقالاته على مهاجمة من ينتقدون العلماء والمؤسسة الدينية، كما هاجم الدعوات التي نادت بهيكلة المحاكم العثمانية لتصبع على غرار النظام القضائي العلماني في فرنسا، ودعاوى إخراج منصب شيخ الإسلام من مجلس الوزراء، ما زاد من شهرته في الإمبراطورية العثمانية.
بدأ العداء بين الشيخ مصطفى صبري وجمعية الاتحاد والترقِّي، عندما رفضت الأخيرة مشروعًا يهدف إلى جعل النظام القضائي مستمدًّا من الشريعة الإسلامية، فيما أيَّد بعض العلماء جمعية الاتحاد والترقِّي باحثين عن مكاسب شخصية من وراء تقرُّبهم من الحزب الحاكم، وكان الاتحاديون يكافئون أنصارهم بالمناصب والاعتماد عليهم، وبعد استقرار الأمر لجمعية الاتحاد والترقِّي، وساد نظام حكم الحزب الواحد، قمعت المعارضين ومنهم الشيخ مصطفى صبري الذي هربَ إلى الخارج، وتنقَّل بين عدد من الدول، فيما تعرَّضت المؤسسة الدينية للعديد من النكسات، وزاد تهميشها، وتم تحويل تبعية المحاكم الشرعية من تبعيتها لشيخ الإسلام إلى وزارة العدل، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط نظام جمعية الاتحاد والترقِّي، عاد الشيخ مصطفى صبري إلى إسطنبول، وعُيِّن في منصب “شيخ الإسلام”، وحاول إعادة المؤسسة الدينية إلى مكانها، واستعادة تقاليد الإسلام ومظاهره في الحياة العامة، إلا أنه كان موضع انتقاد ممن يؤيدون انتهاج سياسة علمانية، وكانوا كُثرًا، وسعى العلمانيون في تشويهه، وبعد استقالة آخر حكومة عثمانية، غادر تركيا، وتنقَّل بين عدد من البلاد، واستقر في مصر، وأخذ يكتب المقالات ويؤلِّف الكتب المناهضة للحكومة الكمالية العلمانية في تركيا ويحذِّر من العلمانيين، الحكومات من اتباع منهجهم المعادي للدين.
الفكرة من كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
يعرض الكتاب دور العلماء ومكانتهم في فترة ما قبل الحداثة في التاريخ الإسلامي، واصطدامهم بتحدِّيات الحداثة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وتعامل العلماء مع التداعيات الفكرية والفقهية والاجتماعية والسياسية، ويبيِّن الكاتب أن العلماء كان لهم دور حيوي ومحوري، كما كان لهم حضور ذو تأثير كبير في مناحي الحياة الفكرية والسياسية والسجالات الفكرية، وإسهام كبير في الخطاب العام، ومن ثمَّ لم يكن دورهم هامشيًّا مثلما ذهبت كثير من الدراسات بأن دورهم كان محصورًا في المسجد والمعهد الديني.
مؤلف كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
مير هاتينا: هو محاضر بقسم الدراسات الإسلامية والشرق الأوسطية بالجامعة العبرية بالقدس، صدر له عدَّة كتب، وهي:
الإسلام والخلاص في فلسطين.
سياسة الهوية في الشرق الأوسط: الفكر الليبرالي والتحدِّي الإسلامي في مصر.
العلماء والسياسة والفضاء العام في الشرق: من منظور مصري.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمود عبد الحليم: حاصل على بكالوريوس اللغة الإنجليزية من كلية الألسن جامعة عين شمس، ودبلوم الترجمة التحريرية من كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على درجة الماجستير في الترجمة الفورية والتحريرية من جامعة عين شمس، ونال درجة الدكتوراه في اللغويات من كلية الألسن جامعة عين شمس، بدأ مشواره المهني في الترجمة مبكرًا بالاشتراك في ترجمة رواية “1984” لجورج أورويل، وصدر له العديد من الكتب بين تأليف وترجمة، ومنها:
المسلمون قادمون.
موسوعة الكتاب العالمي.
مستقبل التعليم العالمي.