علاقة العلماء بالدولة في العصور ما قبل الحديثة
علاقة العلماء بالدولة في العصور ما قبل الحديثة
العلماء هم أهل العِلم الشرعي في الإسلام، فنعتهم بالعلماء مبني على المعرفة المحصَّلة من نصوص الوحي (القرآن والأحاديث النبوية) قراءة وحفظًا وتفسيرًا وإيصالها إلى الأجيال التالية من العلماء، وكان العالم يتخصَّص في علم من العلوم، مثل الحديث، أو التفسير، أو علم الكلام، أو الأصول وغيرها، أو في كلها مجتمعة! إلا أن “الفقه” كان التخصُّص الأصعب والأعلى مكانة بين كل التخصُّصات، لأنه يُعنى بالدراسة المنهجية للشريعة الإسلامية التي تضبط كل فعل يصدر عن المؤمنين بالدين الإسلامي، ومن ثمَّ تعد أساس بناء الأسرة والمجتمع والاقتصاد.
لذلك درس طلبة العِلم من السُّنة الشريعة الإسلامية في إطار “المذاهب”، التي تعد في الفقه الإسلامي “مدرسة من مدارس القانون”، وقد تمتَّعت أربع منها بالشرعية والمكانة، وهي (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية)، وكان كل مذهب يمثِّل موروثًا مستقلًّا من ناحية الكتب الدراسية الأساسية، ومن ثمَّ كان الفقه أكثر التخصُّصات مهنية، وكان مؤسس الوقفية هو من يحدِّد الانتماء المذهبي إلى المدرسة، فلم تكن المدارس مؤسسات، بل مدارس قانونية تجمعها مبادئ وموروثات فقهية معيَّنة واحدة، فلأن الإسلام لا يعرف الكهنوت لم ينتظم العلماء تحت راية واحدة، ورغم الاختلافات بين العلماء، فقد اشتركوا في سمات عامة مثل الفتيا، وطريقة التفكير والجدال، كونها متأصلة في مهنتهم، إلى جانب المقاربة الفقهية المبنية على نصوص الوحي، وكان لغالبيتهم مواقف وتوجُّهات سياسية واحدة، إذ كانوا يصرُّون على الانصياع إلى أيَّة حكومة مسلمة، بقطع النظر عن الطريقة التي استولت فيها على الحكم.
ارتبطت المدارس الدينية بحكم السلاجقة المسلمين، إذ مُنِِح السلاجقة تأييدًا سياسيًّا مطلقًا لهم في مواجهة الشيعة ما رجَّح كفتهم، وكان العلماء والتلاميذ هم الجهة المستفيدة من هذا التحوُّل، إذ تمتَّعوا برواتب وعطايا من الدولة، لكن هذا التغيير كان له مغبَّتان على المدى البعيد: الأولى أن العلماء فقدوا جلَّ استقلالهم عن الدولة، فسادت بينهم البيروقراطية، والثانية أن أعداد الخرِّيجين من المدارس الدينية كانوا أكثر عددًا مما تحتاجه الدولة، فنتج عن ذلك بطالة، وتكالب طلبة العِلم على المناصب الشاغرة في دواوين الحكومة والقضاء ودور العلم.
الفكرة من كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
يعرض الكتاب دور العلماء ومكانتهم في فترة ما قبل الحداثة في التاريخ الإسلامي، واصطدامهم بتحدِّيات الحداثة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وتعامل العلماء مع التداعيات الفكرية والفقهية والاجتماعية والسياسية، ويبيِّن الكاتب أن العلماء كان لهم دور حيوي ومحوري، كما كان لهم حضور ذو تأثير كبير في مناحي الحياة الفكرية والسياسية والسجالات الفكرية، وإسهام كبير في الخطاب العام، ومن ثمَّ لم يكن دورهم هامشيًّا مثلما ذهبت كثير من الدراسات بأن دورهم كان محصورًا في المسجد والمعهد الديني.
مؤلف كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
مير هاتينا: هو محاضر بقسم الدراسات الإسلامية والشرق الأوسطية بالجامعة العبرية بالقدس، صدر له عدَّة كتب، وهي:
الإسلام والخلاص في فلسطين.
سياسة الهوية في الشرق الأوسط: الفكر الليبرالي والتحدِّي الإسلامي في مصر.
العلماء والسياسة والفضاء العام في الشرق: من منظور مصري.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمود عبد الحليم: حاصل على بكالوريوس اللغة الإنجليزية من كلية الألسن جامعة عين شمس، ودبلوم الترجمة التحريرية من كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على درجة الماجستير في الترجمة الفورية والتحريرية من جامعة عين شمس، ونال درجة الدكتوراه في اللغويات من كلية الألسن جامعة عين شمس، بدأ مشواره المهني في الترجمة مبكرًا بالاشتراك في ترجمة رواية “1984” لجورج أورويل، وصدر له العديد من الكتب بين تأليف وترجمة، ومنها:
المسلمون قادمون.
موسوعة الكتاب العالمي.
مستقبل التعليم العالمي.