المادة والروح.. لمن تكون الكلمة العليا؟
المادة والروح.. لمن تكون الكلمة العليا؟
يوضح لنا المؤلف أن المادة متمثلةً في الغرائز والمصالح هي المحرك الأساسي للإنسان بعيدًا عن الروح، وهي نظرة تتعدد شواهدها في حياة الأمم عبر التاريخ، ولكن التاريخ في الأصل مادة خادعة متناقضة متعددة المصادر لا يمكن استيعابها كلها، ولا يمكن قطع النظر بيقين فيها، ولا يمكن استنباط نظريات حتمية منها كما فعل أصحاب “الحتمية المادية”.
والإنسانيات لا تصح فيها الحتميات، وإنما هو الترجيح والاحتمال، فهذا تولستوي وماركس؛ الأول إقطاعي والثاني برجوازي، وكلاهما قد ثار على بيئته وظروفه ونهض لتغييرها، ولا يمكن أن يفسر الماديون وجود مثل هذه النماذج بسبب الوعي؛ فإن هذا يقدح في أصل نظرتهم ويقلب الهرم المادي رأسًا على عقب، فيجعل العقل والروح في قمة هذا الهرم، والمادة في أسفله، فالإنسان إذًا يملك زمام نفسه وشهواته وغرائزه ولا تحركه المادة.
ويقول الكاتب: وإذا كان لا بدَّ من قانون يهدي الفكر في هذه المتاهات فليس أمامنا إلا القانون الأزلي (الدين) الذي أثبت صدقه المطلق في تفسير الإنسان كفرد وأمة وتاريخ، والذي فهم الإنسان جسدًا وغريزةً وعاطفة، والوجود في هذا القانون ما هو إلا سلم تصاعدي يبدأ من المادة ومن بعدها الحيوان، ومن بعده الإنسان، والإنسان هذا له جسد تحكمه مجموعة من الغرائز التي تحكمها العواطف التي يحكمها العقل، والعقل بدوره تحكمه الروح التي تأتي على قمة هذا السلم.
والروح هذه تمثل الإصرار والإرادة والاقتناع بالحق والموت في سبيله، ولهذه الروح السبق في الحاكمية على المادة، على عكس ما تصور ماركس وأنصار الفكر المادي الذين يحاولون إثبات سبق المادة بنظريات علمية ساذجة، والماركسية عمومًا حين تقوم بذلك إنما تستميت في سبيل إثبات شموليتها لكل جوانب الحياة وقدرتها على التفسير.
ويشير مصطفى محمود إلى أن الفكر الماركسي إنما رفع لافتات مكذوبة باسم العلم والموضوعية ليحشد جموع المثقفين في صفه، ثم تبدأ الحركة في الظهور على أكتاف هؤلاء المثقفين الذين يصبحون بعد ذلك أول ضحاياها، فتنتشر كالنار في الهشيم، ولكن انتشار الفكرة لا يعني صوابها، وشهرة النظرية لا يعني قابليتها للتطبيق، والفكر الماركسي الذي يقول بتقدم المادة على الروح هو فكر متهافت متناقض في حقيقته.
الفكرة من كتاب الماركسية والإسلام
يحاول الكتاب عرض أبرز معالم الفكر الماركسي وتعارضه مع قيم المجتمع الإسلامي، ويؤصل لتلك الفكرة من خلال إثبات ضعف الفكر الماركسي وتناقض مبادئه التي تدعو إلى الحرية من جهة، وتستعبد الإنسان للعمل والإنتاج، وكذا من خلال طرح قضية الروح والمادة.
مؤلف كتاب الماركسية والإسلام
مصطفى كمال محمود حسين، طبيب وكاتب مصري، وُلِدَ في 25 ديسمبر (كانون أول) عام 1921 بمحافظة المنوفية، وتوفي في 31 أكتوبر (تشرين أول) عام 2009. درس الطب ولكنه تفرغ للكتابة والبحث.
ألّف العديد من الكتب التي تتراوح بين القصة والرواية الصغيرة إلى الكتب العلمية والفلسفية والاجتماعية والدينية. من أهم مؤلفاته:
لغز الموت.
السر الأعظم.
القرآن كائن حي.
رأيت الله.
على حافة الانتحار.
إسرائيل البداية والنهاية.. وغيرها من الكتب.