الرسول المعلم

كان رسول الله ﷺ يُعلم أصحابه الخير بمختلف الوسائل وفي شتى الأماكن والظروف ويستثمر كل موقف يمكن أن يعلمهم فيه، فنجده يوم أُتيَ له بسبيٍ من سبي هوازن ومن بينهم امرأة زاغ بصرها وظهر عليها الفزع تبحث عن رضيعها، ثم انقلب فزعها إلى تأثر شديد حين وجدته وأخذت ترضعه، فيجذب ﷺ انتباه أصحابه إلى المشهد، ويسألهم سؤالًا يحرك الذهن والوجدان قائلًا: ” أَتُرَوْنَ هَذِهِ المَرْأَةَ طارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟ قالوا: “لا وَاللَّهِ”، فَقَالَ: “للَّهُ أَرْحَمُ بِعِبادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا.”.
ويوم مرَّ بالسوق في المدينة فأمسك بجدي ميتٍ أسَكّ (أي معيبٍ بصغر أذنيه) من أذنه، وقال:”أَيُّكُمْ يُحِبُّ أنَّ هذا له بدِرْهَمٍ؟ فَقالوا: “ما نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بشيءٍ، وَما نَصْنَعُ بهِ؟”، قالَ: “أَتُحِبُّونَ أنَّهُ لَكُمْ؟” قالوا: “وَاللَّهِ لو كانَ حَيًّا، كانَ عَيْبًا فِيهِ، لأنَّهُ أَسَكُّ، فَكيفَ وَهو مَيِّتٌ؟” فَقالَ: “فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ علَى اللهِ، مِن هذا علَيْكُم.” وهذا موقف وضح النبي ﷺ المعنى بالمثال الملموس، وطرح السؤال لاستثارة الذهن وعرض المعلومة بأسلوبٍ حواري تفاعلي واختار هذه الموعظة التي تذكرهم بالآخرة في السوق وهو مكان الانشغال بالدنيا.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

وكان  ﷺ يخص أصحابه أحيانًا بتعليم فردي، كما كان منه مع معاذ بن جبل (رضي الله عنه) وهو رديفه على حماره، فيناديه باسمه فيرد: “لبيك يا رسول الله وسعديك” ويتكرر الأمر ثلاث مراتٍ ليستثير ذهنه لتلقي ما سيخبره به، ثم يقول له رسول الله ﷺ: “هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى العِبَادِ؟” قال: “لَا”، قالَ: “حَقُّ اللَّهِ علَى العِبَادِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولَا يُشْرِكُوا به شيئًا”، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، فَقالَ: “يا مُعَاذُ”، قُلتُ: “لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ”، قالَ: “هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبَادِ علَى اللَّهِ إذَا فَعَلُوا ذلكَ؟ قالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ.” فسأله معاذ أن يُبشر الناس، لكنه نهاه مخافةَ أن يتكلوا، وكان فقه معاذ (رضي الله عنه) للحديث محفزًا لمزيد من العمل لا الاتكال، وقد أبلغه لتلاميذه عند موته خشية أن يأثم بكتمه.

لنا مع هذا الكتاب رحلة مع بعض القصص من سيرة رسول الله ﷺ، في مكة وفي المدينة، ومع أهله وأصحابه، ومع الكفار والمشركين، نتوقف معها وننهل منها علمًا وأدبًا.

عبد الوهاب بن ناصر الطريري، أستاذ جامعي سعودي، تخرج في كلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تخصص علوم السنة النبوية ودرَّس فيها.
له العديد من البرامج على اليوتيوب، منها: “أحوال رسول الله”، و”مشاهد نبوية”، و”حجة الوداع”، و”سماء الذاكرة”.
ومن كتبه: “كأنك معه”، و”اليوم النبوي”، و”حديث الغدير”، و”توازن القوى”.