تحسُّن الأحوال للطبيب الشاب
تحسُّن الأحوال للطبيب الشاب
في يوم الثاني من أبريل عام 1931، بدأت الدنيا تخفض جناحها لذلك الطبيب، فعندما راجع دخله بعد عشرين يومًا وجده ثمانين جنيهًا مكتملةً، وسرعان ما سدَّد ما عليه من تكاليف المعيشة وغيرها، ثم أودع البقية في بنك مصر، كما أنه حظِي بصحبة طيبة تألَّفت من ضابط البوليس ووكيل البريد ومعاون المحطة ووكيل التلغراف وأحد موظفي الشركة الأجنبية التي تحتلُّ القرية، ولا يُنسى صديقهم عبد الإله أفندي صاحب الخيال الواسع والحديث المرح وخبرته الكبيرة كونه في منتصف العقد السادس من عمره، فلطالما كان يُحدثهم بالأيام السابقة وكيف كانت أكثر خيرًا من تلك الأيام الحالية.
كما لم تمر أربعة أشهر إلا وقد تمكن طبيبُنا من شراء سيارته الجديدة في العاشر من أغسطس من نفس العام، وقد ارتفع رصيده من محبة الناس وصيتُه في القرية مع رصيده المالي، وقد تذكر حينها قصة سان ميشيل الشهيرة التي ذكر صاحبها فيها أنه كان طبيبًا ناشئًا فُرض عليه الإلمام بكل فروع الطب من الجراحة إلى أمراض النساء والولادة إلى الباطنة والعيون والأنف والأذن والحنجرة، وذلك لأنه الوحيد في المنطقة لكنه كان محظوظًا للغاية، فما أقرب موقف طبيبنا الشاب وموقف طبيب سان ميشيل في جزيرة كابري، لكن طبيبنا استبدل وصف عناية الله ورعايته بكلمة الحظ واستراح لذلك.
وفي يوم من الأيام استعدَّ فيه الطبيب للذهاب إلى القاهرة لبعض شأنه، ففوجئ بسيارة تحمل مريضة شديدة البدانة يحملها أربعة أشخاص أشدَّاء، وقد ذكروا له أنهم أقاربها أخرجوها من المستشفى بعد أن يئسوا من شفائها وقرَّروا أن تموت بين أهلها، إلا إن “الحاج سيد” قد أشار عليهم بالذهاب إلى ذلك الطبيب المبارك اليد، فماذا فعل؟
الفكرة من كتاب يوميات طبيب في الأرياف
تخرَّج طالب الطب أخيرًا ليكون طبيبًا بحق بعد رحلة طويلة من عناء الدراسة والامتحانات الشاقة، ومن الكتب والتحصيل والمجلدات، ها هو ينتقل أخيرًا إلى الحياة العملية بكل جوانبها، ويحكي صاحب هذا الكتاب رحلته كطبيب في أيامه الأولى عند استلامه العمل في إحدى قرى الريف، فرأى من حلاوة العيش ما رأى، ومن مرارة الحياة أيضًا وصعوبتها ومشاقِّها، ليضع في هذا الكتاب خبرة وعبرة للطبيب الناشئ بشكل خاص، وللجميع عامةً في مواجهة الحياة.
مؤلف كتاب يوميات طبيب في الأرياف
دمرداش أحمد: طبيب ومؤلف مصري، مارس مهنة الطب في بداية حياته في الأرياف واستمر لنحو عشرين عامًا.