مُعلّمة فيصل تصل العراق
مُعلّمة فيصل تصل العراق
تحكي إليزابيث أنها في الوقت الذي تمكنت فيه قوات ألمانيا النازية من احتلال هولندا في ربيع سنة 1940م، كانت هي في طريقها من بريطانيا إلى بغداد بعدما أُعجِبت السيدة همفريز بملفِّها، وقد اتجهت إلى فرنسا ثم إلى فلسطين ثم بيروت ودمشق، ومنها ركبت حافلة تشق بها الصحراء، وقد اعتمد السائق في بعض الأحيان على النجوم لمعرفة الطريق في رحلة الخمسمئة ميل نحو بغداد، حتى وصلت أخيرًا إلى قصر الزهور بالعاصمة.
استقبلت إليزابيث الملكةُ عالِية، أرملة المَلِك السَّابق غازي الأول، ولم تعرفها “بَتي” لأنها كانت متوشّحة بالسواد، حتى إنها انحنت للوصيفة بدلًا من المَلِكة، ورأت لأول مرة الملك الصغير فيصل، كما علمت أن بقية أفراد العائلة المالكة يعيشون في قصر آخر قريب (قصر الرِّحاب)، مثل الوصيّ على الملك “عبد الإله” شقيق الملكة الأم، وكذلك الأميرتين الصغيرتين بديعة وجليلة خالات الملك فيصل.
في قصر الزهور ذي الملامح السويسرية كان المشهد مخيبًا لإليزابيث بعض الشئ، لأن المظهر الشرقي كان مختفيًا وشعرت أنها في أحد قصور بريطانيا، أما عن فيصل الصغير، فقد رأت المعلمة أنه كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة وهو في الخامسة من عمره إلى جانب العربية، لكنه كان مُهمَلًا للغاية من الناحية البدنية، ولم يكن يستطيع المشي لأكثر من عشرين ذراعًا ثم يلهث، فكل ما هو شاقّ يفعله الخدم له، كما أن أسلوب التربية لم يكن ملائمًا بدءًا من النظام غير الصحي والتدليل الزائد من قِبَل الملكة عالية والممرضة بورلاند، ولهذا قررت إليزابيث تغيير كل هذا.
الفكرة من كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
في الساعات الأولى من يوم 14 يوليو لعام 1958م، فوجئ العالم أجمع بخبر سقوط الحكم الملكي الهاشمي بالعراق وإعلان العهد الجمهوري، ولم يكن ذلك الحدث عاديًّا كأي ثورة أو سقوط لنظام حُكم، فلقد شهِد عملية قتل جماعي لجميع أفراد العائلة المالكة بمن فيهم ملك العراق الأخير الشاب فيصل الثاني.
وبما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فلم تُتح اللحظة للنظر في تاريخ وشخصية هذا الملك الصغير الذي انتقل الحكم إليه وهو في عامه الثالث ليصبح أصغر ملك في العالم، وقد تطلَّب الأمرُ نحو خمسين عامًا لكي يقوم شخصان بنشر مُذكراتهما، كونهما أقرب فردين للملك الصغير آنذاك، وهما إليزابيث موريسون، المُربية الأولى لفيصل ويُكنّى اسمها بـ”بتي Betty”، ومايكل آرنولد صديق فيصل في طفولته.
مؤلف كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
إليزابيث موريسون: هي معلمة إنجليزية عملت مُربية ومُعلمة للملك فيصل الثاني في صغره لأكثر من عامين.
مايكل أرنولد: هو كاتب أيرلندي الأصل، انتقل إلى العراق خلال الحرب العالمية الثانية مع احتلال ألمانيا النازية لبولندا، وأصبح صديقًا مقربًا للملك فيصل الثاني في طفولتيهما، وقد ألف كتاب “لعبة النرد.. رحلة صبي عبر ثلاث ثقافات”.
معلومات عن المترجم:
علي أبو الطحين:كاتب ومترجم عراقي، اهتمَّ بإعداد وجمع الُمؤَّلفات والمُذكِّرات ذات العلاقة بالحُكم الملكيّ الهاشمي في العراق، ومن أهم أعماله كتاب العائلة المالِكة في العراق، الذي تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي نجت من الحرب، وتدمير قصر الزهور بعد الاحتلال الأمريكي.