عقيدة العصر الجديد
عقيدة العصر الجديد
على الرغم مما تمثِّله الإنسانوية التطورية، فهي في النهاية تعتمد على تعاليم غنوصية صوفية، أحدث أشكالها هو “عقيدة العصر الجديد” التي تُعدُّ ديانة اصطناعية للعالم، تتكوَّن أحكامها الرئيسة من: “وحدة الوجود”، فالله مجرد فكرة غير مُعيَّنة يتخلَّل كل شيء وكل شخص، فهو موجود في الإنسان، وعلى الإنسان أن يستدعيها ليُوقظ في نفسه “الإنسان الإله”، ثم “الغنوصية”، فالإنسان يسعى للمعرفة للحفاظ على نفسه، وكذلك “التوفيق بين المعتقدات”، إذ تُجمع جميع الأديان ويتم توحيدها في شكل من أشكال وحدة الأديان، إضافةً إلى “انتظار القفزة التطورية”، فالإنسان الحالي هو الجنس الخامس بعد أربع مراحل من التطور، وعندما يحدث تحوُّل عالمي للجنس البشري إلى جنس جديد من (البشر الفائقين) وهو الجنس السادس، سوف يتهيأ العالم لقدوم الجنس السابع وهو (الإنسان الخالد)، وبعد ذلك تأتي “الشمولية”، فسوف ينشأ نظام عالمي جديد، بدين عالمي واحد، وحكومة عالمية واحدة، والأمر الأخير هو “الإيكولوجيا العميقة”، فالإنسان والكون يشكلان كلًّا واحدًا، ومن ثمَّ سيدخلان في تواصل باطني مع الطبيعة!
إن السمة المميزة لعقيدة العصر الجديد، أنها تحاول استبدال الدين والعِلم وإحلال نفسها محلهما، لذلك فهي تتكيَّف مع كل شيء، وتُعطي كل شخص ما يمكن أن يُرضيه، إذ ينبغي أن يكون الجميع سعداء، فالأخلاق واللاأخلاق لا وجود لهما، ولا وجود للشعور بالذنب، وبناءً على ذلك فإن “منظومة الزواج الإلهي” بالنسبة لهم شيء مكروه ومقيت، وانقسام الإنسان إلى ذكر وأنثى قيدٌ لا بد من التخلُّص منه، وأن يتحد الذكر والأنثى في جنس واحد وهو “الخنثى” وهو عندهم الإنسان الكامل، ومن ثمَّ فالمثلية الجنسية في عقيدة العصر الجديد هي تحضير للإعلان عن دين سدوم (قوم لوط) والموافقة عليه!
الفكرة من كتاب ديكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها
نشهد اليوم ثورة عالمية في المجال الثقافي تهدف إلى تغيير جوهر الإنسان ذاته، تحت شعار الإنسانية والتنوير والعقلانية، فالأقنعة واللافتات الفكرية التي يُروَّج لها كثيرة، لكن الجوهر واحد، إذ تقوم على أسسٍ دُنيوية صِرفة، ومحاربة الإيمان بالله، ومحاولة إلغاء سلطة الله واضعة مكانها القوَّة العالمية العُليا للإنسان الممثلة في أنتيخريستوس (المسيح الدجال)، وما المادية والإلحاد إلا حلقة وسيطة بين الإيمان بالله وأشكال إيمانية غيبية جديدة، والسحر والشعوذة المتصل بفساد كبير وانحلال أخلاقي، وقد تم تسخير كل شيء من عِلم وتكنولوجيا من أجل تغيير بناء الإنسان الروحي جذريًّا، ورفض الإنسان ذاته والقضاء عليه، برفع راية الإنسانوية العابرة حيث الإنسان الخارق (السوبر مان)، خارق الذكاء، الخالي من الأمراض، دائم الحيوية والشباب، الذي لا يجري عليه الموت أو الفناء!
مؤلف كتاب ديكتاتورية المستنيرين.. روح الإنسانوية العابرة وأهدافها
تشيتفيريكوفا أولغا نيكولايفنا: هي مؤرخة روسية، وباحثة دينية، تخرجت عام 1983 في معهد العلاقات الدولية بموسكو، وتعمل أستاذة مشاركة في قسم التاريخ والسياسة في أوروبا وأمريكا، كما أنها متخصِّصة في التاريخ الاجتماعي والسياسي لأمريكا اللاتينية، ومن مؤلفاتها:
خيانة في الفاتيكان.
عن السر.
الإنسانوية العابرة في التعليم الروسي.. أطفالنا بمثابة سلع.
ثقافة ودين الغرب.
تدمير المستقبل.
ذئاب ضارية.. من يقف وراء الفاتيكان.
معلومات عن المترجم:
الدكتور باسم الزعبي: وهو مترجم أردني، تخرج في جامعة روستوف السوفييتية بدرجة الماجستير عام في الأدب تخصُّص صحافة 1982، كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من معهد الفلسفة التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية عام 1990، كما حصل على شهادة الماجستير في الإدارة والدراسات الاستراتيجية من كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية عام 2010، ومن مؤلفاته:
قيم الحياة عند أبي حيان التوحيدي.
الصحافة الشيوعية في الأردن وفلسطين.
دم الكاتب.
الموت والزيتون.
تقاسيم المدن المتبعة.
الحصان العربي.