خطوات صغيرة لعلاقة وطيدة
خطوات صغيرة لعلاقة وطيدة
بين من يمسك بلجام لسان أبنائه ليمنعهم من طرح التساؤلات عامة: صحيحها وخاطئها ومن يترك لأطفاله مساحة من الحرية ليتعلَّموا ويخطئوا، وبين من يبتر ابتسامة ابنه الصغير في زماننا ليلتقط له صورة تشبعه هو وترسم على وجهه ابتسامة حين ترضي الصورة معجبيه، ومن يطلب من والديه أن يلتقطوا صورة لهم جميعًا لتصبح ذكرى جميلة، فيما بين هذا وذلك مسافات وأشواط قُطِعت من التربية المتزنة المرنة والهادئة وعلاقة بُنيَت على جسر من الصبر طرفاه اللين والجد، فأنتجت أجيالًا تجيد السؤال كما تجيد الاختيار، وتجيد الإنتاج كما تجيد الإبداع.
يذكر الكاتب قصة المعماري الأردني راسم بدران في علاقته بابنه الفنان المهندس جمال، والتي نمت منذ أن كان في بطن أمه حيث كان يُسمِعه مقاطع موسيقية وهو جنين! أسفرت بعد ذلك عن كونه أصغر عازف في الأردن قبل أن يكمل أعوامه السبعة، كما أسفرت تلك العلاقة المبكرة أيضًا عن مشاريع هندسية مشتركة بينهما، على الصعيد الآخر يذكر لنا الكاتب أيضًا قصة الأب السعودي الذي أمر ابنه أثناء محاولته لالتقاط صورة جماعية للعائلة أمام أحد الفنادق في دولة الإمارات بقوله: “ابتسم يا حمار”!
إن شكل العلاقة الذي نرسمه مع أبنائنا قبل أن يولدوا حتى وطريقة الكلام التي نحدِّثها بهم تصنع شيئًا من معالم مستقبلهم، والناس في ذلك يختلفون باختلاف ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، يضرب الكاتب لذلك مثالًا بالعبارات التي يخاطب بها أصحاب الجنسيات المصرية واللبنانية والسورية أبناءهم مثلًا أو التي يتعاملون بها بشكل عام، عبارات فيها شيء من اللطافة والليونة وعلاقات فيها قدر من المساحة الشخصية والاحترام حتى لطفل لم يتجاوز السنوات لخمس، هذا المزيج يحمينا من خروج أجيال مشوَّهة أو خائفة أو فقيرة المعاني شحيحة الألفاظ لم تسمع في حياتها شيئًا سوى “عيب، كخة يا بابا”، و”ابتسم يا حمار!”.
الفكرة من كتاب كِخَّة يا بابا
خلال سنوات عديدة قضاها الكاتب في السفر وفي الدراسة خارج المملكة، وعن طريق مقارناته
وكتاباته اليومية الخاصة خلال تلك الفترة يسلِّط الضوء على أبرز القضايا الاجتماعية التي تميَّزت فيها بلاد وجنسيات أخرى مختلفة عن المجتمع السعودي، وذلك من خلال أسلوب نقدي محاولًا الوصول إلى أصل المشكلة، مع تذييل مقالاته في النهاية بتعليقه الخاص أو بتقديم نصيحة عامة أو حلول مقترحة.
مؤلف كتاب كِخَّة يا بابا
عبدالله المغلوث: كاتب أسبوعي في جريدة الوطن حصل على ماجستير في تقنية المعلومات بكالوريوس في التسويق والإعلام من خلال دراسته في جامعات أمريكا وعمل في العديد من الصحف والمجلات السعودية، وله عدة مؤلفات:
الصندوق الأسود: حكايات مثقفين سعوديين.
مضاد حيوي لليأس: قصص نجاح سعودية.
أرامكويون: من نهر الهان إلى سهول لومبارديا.