تأثير الأفلام في السلوك
تأثير الأفلام في السلوك
إن التأثيرات اللاشعورية هي محفِّزات حسيَّة لا يستطيع الإدراك الواعي التقاطها، بيد أن المخ يعالجها كما ينبغي، ومن ثمَّ تؤثر في السلوك، فمشاهدو الأفلام يخضعون لتأثيرات لا يستطيعون رؤيتها أو سماعها، ببساطة يجهلون أن فيلمًا عنيفًا، أو جنسيًّا يتسبَّب في شيء آخر هو سلوكهم العدواني أو الجنسي! إن ظاهرة المُحاكي وهو الشخص الذي يقلِّد سلوكًا شاهده في أحد الأفلام، من الأمور الواضحة على أن الأفلام لها تأثير قوي في السلوك، ففيلم “صائد الغزلان” تسبَّب فيما يزيد على 30 واقعة محاكاة لمشهد الروليت الروسي تسبَّبت في الكثير من الوفيات! إن هؤلاء المحاكين واعون تمامًا لتأثير الأفلام في سلوكهم، إذ يمكنهم أن يشيروا إلى الفيلم الذي استلهموا منه أفعالهم! ومع ذلك نجد الكثيرين يقللون من وقائع المحاكاة لتفاهة السلوك كمحاكاة تسريحة شعر، أو أن مرتكبي هذه الأفعال يظهر عليهم بوضوح أنهم يعانون قصورًا ذهنيًّا أو أخلاقيًّا سابقًا على مشاهدتهم الفيلم!
إن تأثير الصور ذات المحتوى الجنسي في سلوك المشاهدين من الموضوعات التي حظيت أيضًا باهتمام بحثي كبير، فقد أظهرت إحدى الدراسات أن المراهقين الذين يشاهدون الكثير من الصور الجنسية على شاشات التلفاز يبدؤون بالانخراط في ممارسات جنسية بمعدل أكبر بكثير من الآخرين، كما أظهرت البيانات الديموغرافية في الولايات المتحدة وجود صلة بين الإعلام والسلوكيات المنحرفة كالاغتصاب والتحرُّش وغيرها من الانتهاكات الجنسية، وكان السبب راجعًا إلى أن المواد ذات المحتوى الجنسي صارت متاحة أكثر من ذي قبل!
كما أن للأفلام والإعلام تأثيرًا كبيرًا في المواقف والمعتقدات والصور النمطية، فالتمثيلات التي يقدمها الإعلام لأجساد النساء غير صحيَّة بدنيًّا ونفسيًّا لأنها تعرض نساء شديدات النحافة، كما تعرَّض الرجال والنساء لسيل من الأفلام تظهر صورًا لنساء ذوات قوام غير صحِّي، فضلًا عن أن الغالبية من النساء لن يستطعن الحصول على مثل تلك الأجساد، لأنها صور غير واقعية، ومن ثمَّ فإن لها تأثيرًا مدمِّرًا في الرجال والنساء، إذ يشعرون بعدم الرضا عن شكل الجسد!
الفكرة من كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
إن جميع الأفلام مفعمة بالعناصر السيكولوجية، ومن ثمَّ فهناك تضافر بين علم النفس والسينما، إذ يستغل كتَّاب السيناريو المشاعر البشرية ويوظِّفونها في أفلامهم، لذلك يستعرض الكاتب تأثير الأفلام في استيعاب المشاهدين للأمراض النفسية وتعاملهم معها، وكذلك تأثير الأفلام المشبَّعة بالعنف في زيادة السلوك العدواني بين الناس، وتأثيرها في انتشار التحرُّش والاغتصاب والانتهاكات الجنسية، كما يبين ظاهرة محاكاة الناس لما يشاهدونه في الأفلام، وكيف يتخذ بعض الأشخاص من الأفلام وسيلة للعيش؟
مؤلف كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
سكيب داين يونج : يعمل أستاذًا في كلية هانوفر في ولاية إنديانا منذ أكثر من 15 سنة، يقوم بتدريس مقرَّرات ذات منحى إكلينيكي كالاضطرابات السلوكية والاستشارة والعلاج النفسي، وعلم نفس الأفلام، والتنمية البشرية.
معلومات عن المترجم:
سامح سمير فرج: هو مهندس كهرباء، ومترجم، ومن ترجماته:
السينما وعلم النفس.
رولان بارت.