السينما واستغلال الاضطرابات النفسية
السينما واستغلال الاضطرابات النفسية
إذا طرَقَ سمع أحد الناس مصطلح “الاضطراب النفسي”، فإنه لن يفكِّر في صديق خاض صراعًا مع القلق أو الاكتئاب، بل سوف يقفز إلى ذهنه على الفور أحد المشاهد التي شاهدها في أحد الأفلام، كأن يقفز إلى ذهنه صورة “أنتوني بيركنز” بعينيه الداكنتين تتحرَّكان بعصبية جيئةً وذهابًا بسرعة شديدة في فيلم “سايكوس”، أو يتذكر “راسل كرو” وهو يجهش بالبكاء على أرضية حمَّامه في فيلم “عقل جميل”، وإذا طرق سمع أحد الأشخاص مصطلح “عالم نفس” فإنه سوف يتذكَّر على الفور مشهد أحد الأطباء النفسيين في أحد الأفلام، كمشهد الطبيب المتبجِّح في فيلم “سايكو”، إن صورة علم النفس في وسائل الإعلام والسينما ذات أهمية بالغة، لأن قسمًا هائلًا من الجمهور يتأثر بها ويفهم علم النفس من خلالها.
يجد صنَّاع الأفلام في الاضطرابات النفسية متعة خاصة، والفيلم وسيلة ممتازة لتجسيدها، ومن الأمثلة على ذلك شخصية (الجوكر) في فيلم “فارس الظلام”، إذ حشد صنَّاع الفيلم ما بحوزتهم من وسائل تقنية ورمزية لتجسيد جنون الجوكر من خلال استخدام مفردات (غريب الأطوار، مجنون، قاتل سيكوباتي، رسول الفوضى)، إلى جانب مظهره الخارجي الغريب، فضلًا عن ظهوره مصحوبًا بموسيقى متنافرة النغمات، لتأكيد ما يمثِّله من فوضى، كان التجسيد السينمائي للجنون في هذا الفيلم تجسيدًا للاستهلاك الجماهيري، فأنت لن تسمع قط عن شخص مريض نفسي بالصورة التي ظهر بها الجوكر! إذ يتم التلاعب في السلوكيات المرتبطة بالمرض النفسي من أجل الإثارة وبيع التذاكر، ومن ثمَّ أثير جدل واسع حول طريقة تصوير المرض النفسي دراميًّا في الأفلام وغيرها، لأن مثل تلك الأفلام لها تأثير مدمِّر في من يعانون مشاكل نفسية، كما أنها تعرقل ما يبذله اختصاصيو الصحة النفسية من محاولات علاج أناس يعانون مثل تلك الاضطرابات، كما نجد أن الأفلام الكوميدية لديها رغبة شديدة في السخرية من صور الضعف البشري، في حين أن أفلام الرعب لديها رغبة شديدة في استغلال المخاوف الإنسانية!
الفكرة من كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
إن جميع الأفلام مفعمة بالعناصر السيكولوجية، ومن ثمَّ فهناك تضافر بين علم النفس والسينما، إذ يستغل كتَّاب السيناريو المشاعر البشرية ويوظِّفونها في أفلامهم، لذلك يستعرض الكاتب تأثير الأفلام في استيعاب المشاهدين للأمراض النفسية وتعاملهم معها، وكذلك تأثير الأفلام المشبَّعة بالعنف في زيادة السلوك العدواني بين الناس، وتأثيرها في انتشار التحرُّش والاغتصاب والانتهاكات الجنسية، كما يبين ظاهرة محاكاة الناس لما يشاهدونه في الأفلام، وكيف يتخذ بعض الأشخاص من الأفلام وسيلة للعيش؟
مؤلف كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
سكيب داين يونج : يعمل أستاذًا في كلية هانوفر في ولاية إنديانا منذ أكثر من 15 سنة، يقوم بتدريس مقرَّرات ذات منحى إكلينيكي كالاضطرابات السلوكية والاستشارة والعلاج النفسي، وعلم نفس الأفلام، والتنمية البشرية.
معلومات عن المترجم:
سامح سمير فرج: هو مهندس كهرباء، ومترجم، ومن ترجماته:
السينما وعلم النفس.
رولان بارت.