الأفلام كرموز يتلقَّاها المشاهد
الأفلام كرموز يتلقَّاها المشاهد
يمكن النظر إلى علم نفس الفيلم باعتباره إطارًا رمزيًّا، إذ تعد الأفلام رموزًا ذات معنى يخلقها صنَّاع الأفلام ويستقبلها الجمهور، تمتلك هذه الرموز خواص فيزيائية، إذ تتألَّف من صور وأصوات تُعرض على الشاشة، وتنطوي على إمكانية أن تُفهَم، فعندما ترى في فيلم “حرب النجوم” أنبوب نيون من الضوء الأزرق مصحوبًا بصوت طنين، فإنك تفهم أنه سيف ضوئي، ولن يتبادر إلى ذهنك أنه ضوء أزرق عشوائي يظهر على الشاشة، وعندما يحيط المشاهدون بفيلم “حرب النجوم”، فإنهم يدركون أن الشخص الذي يحمل السيف الضوئي الأزرق عضو في جماعة “الجيداي”، فمجموعة الرموز تنبني بعضها فوق بعض لارتباط الصور الفردية مع غيرها من الصور، فتشكَّل لنا كيانات شاملة سردية ومتماسكة، كما أن المشاهد يمكن أن يتوسَّع فيما وراء القصَّة، وأن يفهمها بوصفها تمثيلاتٍ لأشخاص وأماكن وأفكار ذات صلة بالعالم الحقيقي، فيفسِّرون السيف الضوئي الأزرق على أنه “رمز للبطولة”.
إن الرموز لا توجد من العدم، أو بطريقة عشوائية، فصانعو الرموز مثل فنَّاني الجرافيك، والروائيون، والنحَّاتون، ومؤلفو الكتب الإرشادية التي تشرح طرق تركيب ألواح الأسطح، جميعهم يعوِّلون على الرموز لإيصال المعنى، ثم يأتي دور صنَّاع الأفلام وهم نوع آخر من صانعي الرموز، كالمخرجين والكتَّاب والممثلون وغيرهم يتعاونون معًا لإنتاج الكيانات الرمزية التي تظهر على الشاشة، فيجلبون إلى الرموز ذواتهم، ومشاعرهم الباطنية العميقة، وأنماط سلوكهم الروتينية، وقيمهم الواعية، وانحيازاتهم الثقافية التي يأخذونها مأخذ التسليم، وفي النهاية يتم تلقِّي تلك الرموز من جانب المشاهدين، فيتم إدراكها بالسماع والإحساس بها، وشمُّها وتذوُّقها ومعالجتها، ومن ثمَّ تعدُّ الأفلام نوافذ على عالم السلوك البشري وطرائق عمل الذهن، إذ يمكننا عبر عملية قراءة وتفسير الفيلم الوصول إلى رؤية أكثر نفاذًا للأفراد والمجتمع، كما يوجد دافع مشترك يدفع الناس إلى فهم معنى ما من الفيلم، إلا أن هناك القليل من المعتقدات المشتركة بين الجميع حول الطريقة الواجب اتباعها في تفسير الأفلام، ومن ثمَّ ظهرت العديد من النظريات التي تضمن تفسير الأفلام تفسيرًا نصيًّا.
الفكرة من كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
إن جميع الأفلام مفعمة بالعناصر السيكولوجية، ومن ثمَّ فهناك تضافر بين علم النفس والسينما، إذ يستغل كتَّاب السيناريو المشاعر البشرية ويوظِّفونها في أفلامهم، لذلك يستعرض الكاتب تأثير الأفلام في استيعاب المشاهدين للأمراض النفسية وتعاملهم معها، وكذلك تأثير الأفلام المشبَّعة بالعنف في زيادة السلوك العدواني بين الناس، وتأثيرها في انتشار التحرُّش والاغتصاب والانتهاكات الجنسية، كما يبين ظاهرة محاكاة الناس لما يشاهدونه في الأفلام، وكيف يتخذ بعض الأشخاص من الأفلام وسيلة للعيش؟
مؤلف كتاب السينما وعلم النفس.. علاقة لا تنتهي
سكيب داين يونج : يعمل أستاذًا في كلية هانوفر في ولاية إنديانا منذ أكثر من 15 سنة، يقوم بتدريس مقرَّرات ذات منحى إكلينيكي كالاضطرابات السلوكية والاستشارة والعلاج النفسي، وعلم نفس الأفلام، والتنمية البشرية.
معلومات عن المترجم:
سامح سمير فرج: هو مهندس كهرباء، ومترجم، ومن ترجماته:
السينما وعلم النفس.
رولان بارت.