السعادة الكيميائية
السعادة الكيميائية
في رحلة البحث عن الجزء المسؤول عن السعادة في المخ، تأمَّل الكاتب المخ نفسه، ووجد أنه يتكوَّن من عدد لا بأس به من المكوِّنات، وينقسم المخ إلى نصفين، هما: النصف الكروي الأيمن والنصف الأيسر، وينقسم كلٌّ منهما إلى أربعة فصوص مميزة هي الفص الجبهي والقفوي والجداري والصدغي، وتتألَّف الفصوص من خلايا دماغية تُسمى الخلايا العصبية، وكل خلية هي في الأساس تركيب معقد من المواد الكيميائية، ورغم ذلك هناك بعض المواد الكيميائية التي يستخدمها المخ ولها دور كبير، حيث تعمل كناقلات عصبية، وهي العنصر الأكثر أهمية الذي يؤثر في تفكيرنا ومشاعرنا، ويستخدم المخ ناقلات عصبية مُحدَّدة للقيام بأدوار مُعيَّنة، فإذن هل من الممكن وجود ناقل عصبي مسؤول عن إنتاج السعادة؟
وجدنا أن هناك العديد من المرشحين للقيام بذلك، والدوبامين هو أول المرشحين للقيام بذلك، فمن أهم وظائفه دوره في المكافأة واللذة، فإذا لاحظ المخ أنك فعلت شيئًا يوافق عليه، كشُربك للماء عندما كنت عطشًا، أو نجاتك من موقف محفوف بالخطر، يكافئك على ذلك عن طريق التسبُّب في حالة متعة قصيرة لكنها شديدة عن طريق إطلاق الدوبامين، وهناك أيضًا أدلة تشير إلى أن إفراز الدوبامين يتأثَّر بمدى كون المكافأة أو التجربة مفاجئة، لذا فمن الواضح أن للدوبامين دورًا مهمًّا في شعورنا بالسعادة، ولكنه يبقى أحد أدواره.
ولذا فهناك المرشح الثاني لتحفيز اللذة هو الأندروفين؛ المادة الكيميائية المُسبِّبة للذة، سواء أُطلِقت بسبب التهام الشوكولاته، أو بسبب الاندفاع الجنسي، وأكبر مثال حي على أهمية الأندروفين هي الولادة، حيث يفرز الأندروفين كاستجابة للألم الشديد لتخفيفه، ومنعه من الوصول إلى مستويات توقُّف القلب، فنجد الأمهات تصف الولادة بأنها شيء مُعجز، وغالبًا ما يفعلن الأمر مجددًا، وكل هذا يقودنا إلى كون الأندروفين لا يصنع السعادة بالمخ، ولكنه يساعد على ذلك، ويقلِّل من الضغط العصبي، ولكن يبقى هناك إشكالات تتعلَّق بهذين الناقلين، فهم يفترضان أن السعادة مثل اللذة، في حين أنه من الممكن أن تكون سعيدًا بينما لا تشعر باللذة، ولكن لتصبح سعيدًا حقًّا يتطلَّب الأمر أكثر من ذلك، فالسعادة أيضًا متعلقة بالقناعة والرضا والعائلة والحب.
الفكرة من كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
حاول أغلب العلماء قياس السعادة، ووعدت آلاف المنتجات بها، وقضى أغلب البشر حياتهم في البحث عنها، ويعتبرها البعض شعورًا، والآخر عاطفةً، حسب أفكار كلٍّ منهم ومبادئه، لكن يحاول الكاتب هنا اكتشاف إجابات لبعض الأسئلة الجوهرية فيما يتعلَّق بالسعادة، فما المعنى الفعلي لكوننا سعداء؟ وما مصادر السعادة؟ وهل هنالك سعادة أبدية؟
مؤلف كتاب المخ السعيد.. العلم الخاص بمصادر السعادة وأسبابها
دين برينت : عالم أعصاب، ومحاضر في الطب النفسي، ومؤلف مدوَّنة الجارديان العلمية، وله العديد من المؤلفات، منها:
المخ الأبله.