وظائف تافهة أخرى
وظائف تافهة أخرى
تظهر الحاجة إلى الموظف الاحتياطي عندما يحدث خلل في المنظومة لا بد من معالجته، فالهدف من توظيفه ليس إضافة قيمة للشركة، وإنما إصلاح أخطاء لا يجب أن تكون موجودة من الأساس، وتتعدد الأسباب التي تدفع لوجود هذا المنصب، كأن يكون أحد الموظفين القدامى غير كُفْء ولا يمكن للشركة أن تفصله بسبب نفوذه، أو قد يكون السبب هو وجود عمل يمكن تنفيذه آليًّا بسهولة إلا أنه أُهْمِل تمامًا، أو غيرها من الأسباب التي تؤدي إلى نفس النتيجة، ويكون العمل الأساسي لهذا الموظف هو إصلاح ما أفسده آخرون، وهو أمر قد يدفع إلى الغضب في كثير من الأحيان.
ويشير مصطلح المدقق الورقي إلى هذا الموظف الذي يقوم بالعديد من التعاملات الورقية من أجل أن يترك انطباعًا بأن الشركات تقوم بأعمال لا وجود لها في الواقع، ويشتهر هذا النموذج في القطاعين العام والخاص، إلا أنه أكثر بروزًا في التعاملات الحكومية، فنحن على دراية بلجان تقصي الحقائق وغيرها من الإجراءات الشكلية التي تهدف إلى تبرئة الجهات المعنية، والتأكيد على أن الأمور سيتم إصلاحها عندما تتبين الحقائق (وهو أمر نادر الحدوث)، لذا فإن هذه الوظائف تقدم خدمة لأصحاب العمل عن طريق التظاهر بعمل شيء ما لا وجود له في الواقع، وينتشر هذا النوع من الوظائف خصوصًا في الأوساط الإدارية التي تعتمد بشكل كامل على جودة التقارير الورقية عوضًا عن العمل ذاته.
ويعد الكاتب وظيفة موزع المهام وظيفة تافهة في حالة إذا كان الموزع يعتقد أن مرؤوسيه يمكنهم العمل بكفاءة دون أي تدخل منه، وفي هذه الحالة يصبح عبئًا على المؤسسة دون أي فائدة، وهذا النوع من الوظائف يسهم في صناعة إداريين من المرتبة الوسطى، وهم إداريون يعملون لصالح إداريين آخرين وتستمر السلسلة، ويعرض الكاتب نوعًا آخر من الموظفين الذين يتحملون الانتقادات نيابة عن الشركات، في الغالب يتسم هؤلاء بأنهم يواجهون العملاء بصورة مباشرة ولكنهم لا يملكون أي حلول للمساعدة، وهو لا يعد هذه الوظائف تافهة لأنها تؤدي عملًا حقيقيًّا، وإنما يعتبرها وظائف سيئة فقط.
الفكرة من كتاب وظائف تافهة
هل تساءلت يومًا لماذا يكره العديد من البشر وظائفهم؟ ولماذا تنتشر النكات الساخرة عن بيئة العمل والرؤساء حتى وإن كان العمل ذا عائد مادي جيد؟ في هذا الكتاب يعرض عالم الأنثروبولوجي ديفيد جرابر نظريته عن طبيعة بعض الوظائف التافهة في الوقت الحالي، بمناقشة العوامل السياسية والاقتصادية والتاريخية التي أسهمت في صناعتها، موضحًا الأضرار الاجتماعية والفردية التي تتسبب بها، ويعد هذا الكتاب امتدادًا لمقال نشره الكاتب في جريدة سترايك !Strike عام 2013 يناقش الأمر ذاته، وانتشر انتشارًا سريعًا بسبب محتواه المثير للاهتمام، وتلقى الكاتب رسائل عديدة تؤيد محتوى المقال عن الوضع الحالي لسوق العمل، وتَرْوِي تجارب حقيقية في هذه الوظائف، فنحن جميعًا على علم بوجود هذه الوظائف التي تبدو بلا أي جدوى ولا تقدم أي فائدة للمجتمع، ولكننا على الرغم من ذلك لا نملك أي تفسير لاستمرارها بل وانتشارها أيضًا! وهنا قد يجادل البعض ويقولون إن الحكم على بعض الوظائف بالتفاهة أمر شخصي ولا يجب تعميمه، لذلك يُعَرِّف الكاتب الوظائف التافهة بأنها تلك الوظائف العديمة الفائدة أو المضرة بالمجتمع، حتى إن من يعملون بها لا يستطيعون الإتيان بمبرر جيد لوجودها حتى وإن كان عليهم التظاهر بعكس ذلك.
مؤلف كتاب وظائف تافهة
دايفيد جرابر: هو بروفيسور أنثروبولوجي أمريكي وناشط أناركي، درس جرابر في جامعة شيكاغو وأجرى أبحاثًا في مجال الأنثروبولوجي في مدغشقر، وحصل على الدكتوراه عام 1996، كما عمل أستاذًا مساعدًا بجامعة يال منذ عام 1998 وحتى عام 2005، ويشتهر جرابر بأعماله الأكاديمية في مجال الاقتصاد وعلم الأنثربولوجي وكذلك بدوره القيادي في حادثة Occupy Wallstreet، من أهم كتبه:
Debt: The First 5000 Years
The Utopia of Rules
The Dawn of Everything