الطبيعة الكيميائية للحمض النووي
الطبيعة الكيميائية للحمض النووي
تبيَّن العلماء الطبيعة الكيميائية للحمض النووي معمليًّا بالبحث عن المادة التي باختفائها تتوقَّف المعلومات الوراثية عن الانتقال، وقد وجد أن جزيء الـDNA هو الجزيء الحامل للمعلومات الجينية وليس جزيئات البروتينات كما كان يعتقد، حيث كان يطلق على الـDNA الجزيء الغبي لأنه يتكوَّن من أربع قواعد بصورة متكرِّرة هم: الأدينين A، الغوانين G، السايتوسين C، الثايمين T، بينما يتركَّب البروتين من 20 نوعًا من الأمينو أسيد، وبهذا ظل اللغز المحيط بكيفية عمل الحمض النووي مرهونًا باكتشاف البنية الفيزيائية والتركيب الكيميائي لجزيئات الحمض النووي (DNA – RNA)، حتى تمكَّن العلماء واتسون، وكريك، ويلكينز، وفرانكلين من بناء نموذج ثلاثي الأبعاد للـDNA، يظهر على شكل لولب مزدوج Double Helix، تتكوَّن أعمدته من جزيئات الفوسفات والسكر، وتتصل هذه الأعمدة بواسطة القواعد الأربع التي ذكرناها سابقًا، فيتحد الأدينين A مع الثايمين T، بينما يتحد الغوانين G مع السايتوسين C لتكوين سلسلة من الحمض النووي يمكن قراءتها بصورة متتالية (ATGCCCC …)، وبمعرفة التركيب الكيميائي تم استنتاج آلية عمل الحمض النووي في تحديد الصفات الفيزيائية وإدارة الوظائف الحيوية كالتالي: من أجل تحويل الحمض النووي إلى بروتينات فعالة، تقوم الخلية بنسخ جزيء الـDNA في صورة جزيء RNA، وهو جزيء مشابه للـDNA، إلا إنه يتكوَّن من لولب فردي قواعده من الأدنين A، والجوانين G، والسايتوسين C، واليوراسيل U (عوضًا عن الثايمين T)، ويتولَّى الرايبوسوم ribosome في الخلية مهمة تحويل نسخة الـRNA إلى بروتين، حيث وجد أن كل ثلاث قواعد تُتَرْجَم إلى نوع من الأمينو أسيد، وبحلول عام 1965 تمكَّن العلماء من فك الشفرة الوراثية، وكذلك تفسير تأثير المعلومات الوراثية في وظائف الكائن الحي.
سمحت المعرفة الدقيقة بطبيعة المادة الوراثية للعلماء بِتَبَيُّن بعض الخصائص الأخرى التي أسهمت في الإجابة عن بعض الأسئلة الرئيسة في علم الأحياء؛ وهي كيف يمكن أن ينشأ كائن حي من خلية واحدة؟ وكيف تقوم خلايا الجسم بالوظائف الخاصة بها فقط، وكيف تميزها؟ لأمور كهذه أن تحدث لا بد من تواجد جينات رئيسة مسؤولة عن تنظيم عمل باقي الجينات بالإذن أو بالمنع، وهذه الجينات تستطيع استقبال معلومات خارجية من البروتينات التى قامت ببنائها سابقًا كوسيلة للاستشعار، وبالتالي فهناك علاقة من التأثير المتبادل بين الجينات والبروتينات، وهذه العلاقة تنظِّم الوظائف الحيوية في جسم الكائن الحي، وإلى جانب التنظيم Regulation، تتميَّز الجينات أيضًا بقدرتها على الاستنساخ Replication عند حدوث ضرر بأحدها، وأيضًا إعادة تركيب أجزائها Recombination.
الفكرة من كتاب الجين: تاريخ حميم
في سبيلنا لفهم أي شيء، فإننا نقوم بتجزئته ودراسة الأجزاء بشكل دقيق، وطبيعة الأحياء لا تمثِّل أي استثناء لهذه القاعدة، فكما تمثِّل الذرة الوحدة الأساسية لعلم الكيمياء، فإن الجين يمثِّل وحدة البناء الأساسية لعلم الأحياء الحديث، وهو يوفِّر مجموعة من المبادئ التي تفسِّر طبيعة الحياة على المستوى الخلوي المحدود وكذلك المستوى التاريخي الواسع، ويسرد سيدهارتا السيرة الذاتية للجين كعضو جديد في تاريخ البشرية، لم يظهر منذ بعيد على الساحة العلمية ولا يزال خاضعًا للدراسة، إلا أن آثار معرفته تجاوزت الحدود الطبيعية للعلوم وصنعت أحداثًا اجتماعية وسياسية لا تُمحَى، وفي هذا الكتاب يشرح الكاتب الرحلة العلمية للجين من فكرة مجردة تحوَّلت بالبحث والتجربة إلى حقيقة علمية ذات خصائص دقيقة يمكنها أن تمتثل للدراسة والتعديل، موضحًا تأثيرها في الإنسان في جميع نواحي الحياة.
مؤلف كتاب الجين: تاريخ حميم
سيدهارتا موكرجي: هو عالم أحياء هندي أمريكي وباحث في مجال السرطانات، تتعلَّق أبحاثه بفسيولوجيا الخلايا السرطانية، والعلاج المناعي لسرطانات الدم، واكتشاف الخلايا الجذعية المكوَّنة للعظام والغضاريف في الهيكل العظمي للفقاريات، وقد درس سيدهارتا علم الأحياء بجامعة ستانفورد، وحصل على دكتوراه في الطب من جامعة هارفارد، كما أنه كاتب عمود في مجلة النيويورك تايمز ومؤلف كتاب “إمبراطور الأمراض: سيرة ذاتية للسرطان” الصادر سنة 2010، الذي فاز بجوائز أدبية بارزة، ويهدف سيدهارتا من خلال كتاباته إلى مشاركة الطبيعة المميزة لعلم الأحياء وتاريخه المليء بالأحداث مع القراء.
معلومات عن المترجِم:
إيهاب عبد الحميد: كاتب ومترجم مصري، تخرج في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم أجرى دراسات حرة في مجال الترجمة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومن ترجماته: “عدَّاء الطائرة
الورقية”، و”ألف شمس ساطعة”، و”الإنفلونزا العظمى”.