الأرق
يعبِّر الطب عن الأرق بكلمة Insomnia، وهي مشتقة من كلمتين؛ الأولى Ins وتفيد النفي، والأخرى somnia وتعني النوم، ويعد فقدان النوم أشد خطرًا على الإنسان من فقدان الغذاء، إذ أثبتت دراسات عدة بالإضافة إلى بعض الأعراض الملاحظة على الناس في أثناء المجاعات ذلك، كما أثبتت التجارب التي أجريت على الجراء أنها تموت بعد خمسة أيام في حال حُرمت النوم ولم تحرم الطعام، وتموت بعد 20 يومًا إن حُرمت الطعام فقط واستطاعت النوم كما تشاء، والتعب هو العامل الرئيس المتسبِّب في النوم، لكن الأرق ينجم أحيانًا عن عن التعب المفرط، وذلك عن طريق المواد الناشئة عن التعب، وهي ذات صلة وثيقة بالتسمُّم الدموي البسيط، وقد أظهر البحث المجهري بعض الضرر الذي يصيب خلايا المخ الحية من تلك السموم، فإذا كبر حجم نواة خلية المخ السليمة الحية المستريحة ظهر بها عدد كبير من الخلايا المعنوية الدقيقة، وإذا قتل حيوان بعدما أنهكه التعب، فإن الأجسام العضوية “حبيبات نسل” يتغير شكلها، وأحد العوامل السلبية للنوم هو انعدام الإحساس، فتنبيه الحواس تنبيهًا مستمرًّا غير شديد يعطي نفس نتيجة عدم تنبيهها مطلقًا، والإحساس بشيء ما طويلًا إن لم تزد شدته أو تنقص لا ينبِّه الإنسان مطلقًا، فيصير مدعاة للنوم، والعامل الثالث للنوم هو امتناع تنبيه المخ، عن طريق انعدام الأفكار والانفعالات وغيرها من ضروب النشاط العقلي، والأفكار التي لا يمكننا طردها تمنع النوم عنا، وكذلك تأنيب الضمير وأي نشاط ذهني آخر، يقول ورد شورث مُخَاطِبًا النوم: إنك آخر من يلبي النداء حين تشتد الحاجة إليك، فالنوم يحتاج إلى السكون، والتفكير هو نشاط عقلي، لذا لا يمكنهما الاجتماع أبدًا، أما العامل الرابع المتسبِّب في النوم فهو نقص نشاط الدورة الدموية في المخ، على عكس باقي أعضاء الجسم.
ويقل نشاط المخ بنقص الدم فيه، ويحتاج الإنسان إلى العلم بنظام الدورة الدموية كي يفهم كيف يكون ضعفها سببًا للنوم، وعدم وجود هذه العوامل الأربعة ينجم عنه الأرق، وأما اجتماعها فيجعل النوم صحيًّا.
الفكرة من كتاب مستقبل النوم
إن النوم هو أحد معجزات العالم المتكررة يَوْمِيًّا، يضطرُّك إلى الاستلقاء فاقدًا وعيك عن قصد خلال الساعات الثماني التالية، فهو برزخ خاص بين الحياة والموت، وقواعد النوم الصحية في عالمنا لم تلقَ بعد الاهتمام الكافي، لذا فمن الجيد البحث في العوامل المؤدية إلى النوم الصحي، وإدراك الفرق بين النوم السوي والشاذ، ومعرفة منشأ الأحلام، والتنبؤ بما سيكون للنوم من شأن عظيم في الغد القريب.
مؤلف كتاب مستقبل النوم
ديفيد فريزر- هاريس: وهو كاتب اسكتلندي شهير، وأستاذ فسيولوجي، درس بجامعة جلاسكو وتابع دراساته العليا في جامعات برن وهايدلبرج وزيورخ، وعمل أستاذًا بجامعات عدة، وآخر مناصبه العلمية كانت أستاذًا للفسيولوجي بجامعة دالهوزي، استطاع المؤلف أن يمزج بين الطب ومعرفته التاريخية، ومن أهم مؤلفاته: “الأعصاب”، و”الأسس الكيميائيَّة للحياة”، وانتهت مسيرته الحافلة بوفاته عام 1937.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد بدران: مؤلف وواحد من أبرز المترجمين المصريين في العصر الحديث، وأطلق عليه محمد شفيق غربال لقب “عمدة المترجمين”، حصل على الدكتوراه بأطروحة عن “الملل والنحل”، كما عمل بالتدريس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومدرس بمعهد الصحافة، وتولى إدارة الثقافة في وزارة التربية والتعليم، وعام 1914 شارك في تأسيس لجنة التأليف والترجمة والنشر، وألف كتاب “الفلسفة في الميزان وتأسيس القواعد من القرآن”، كما ترجم وراجع كتبًا أجنبية عدة أهمها: “تاريخ المسألة المصرية”، و”معالم في تاريخ الإنسانية”، و”هنري السادس”، و”موسوعة تاريخ العالم”.