ما النوم؟
يعرف النوم بأنه “حالة اللا وعي الطبيعية” التي يصل إليها الشخص السليم بجفون مطبقة، يلحظ فيها مظاهر فسيولوجية عدة، ويعد أكثر الأشياء اتصالًا بحواس الإنسان وما يألفه وأكثرها غموضًا، لكن قليلًا ما تجد شخصًا يستطيع أن يشرح لك دقة سبب ميلنا إلى الإغفاء والاستسلام في نهاية اليوم للنوم، متوحِّشو العصور القديمة كانوا يعتقدون أن حالة النوم تحوي معانيَ سامية، كذلك همج العصور الحاضرة، فقد ثبت في أذهان الأولين أن الروح تغادر الجسد في أثناء النوم لتذهب إلى أرض الأحلام وتعود مجددًا باستيقاظه، ويرون أن ثمة تشابهًا كبيرًا بين السبات والموت، فكلاهما حالة انفصال للروح عن الجسد، الفارق الوحيد هو المدة الزمنية، كما اتخذ الرومان قديمًا إلهًا للأحلام وهو مورفيوس Morpheus، أحد أبناء سيمنس Somnus، وهو اسم مشتق من لفظ Morphe المشير إلى الأشكال والخيالات المترائية للنائم، واستخدمت الجملة للدلالة على عنصر منوِّم في أزهار الخشخاش.
والنوم في الواقع هو نتاج اجتماع عدة حالات أو عوامل، ومن الناحية العقلية والنفسية هو حالة من اللا وعي، تتكرَّر بانتظام كل 24 ساعة لمدة تتراوح ما بين ست وثماني ساعات، وهو حال يتصل بسكون المخ؛ القشرة المخية خصوصًا حيث مركز الإدراك، والنوم لا يطلق بحق إلا على مركز الإدراك، فإن كان نشطًا قائمًا بعمله كان الوعي، وإن كان نشاطه جُزْئِيًّا أو كان ساكنًا سكونًا تَامًّا كان النوم، لذا فإنه إن انتزع مخ حيوان فلن يمكنه النوم أبدًا، وفي أثناء النوم تكون أنسجة الجسم جميعها أقل نشاطًا مما عليه في حالة اليقظة، فتبطؤ دقات ألقاب وتضعف، ويكون التنفس أقل عمقًا، المعدة تتخلَّص مما بها في بطء، وهذا النقص في عمل الأنسجة ينجم عنه انخفاض كبير في الحرارة الحيوانية المتولِّدة كل ساعة من ساعات النوم بالنسبة إلى ما يتولَّد في حالة اليقظة، لتهبط إلى الثلث تقريبًا.
الفكرة من كتاب مستقبل النوم
إن النوم هو أحد معجزات العالم المتكررة يَوْمِيًّا، يضطرُّك إلى الاستلقاء فاقدًا وعيك عن قصد خلال الساعات الثماني التالية، فهو برزخ خاص بين الحياة والموت، وقواعد النوم الصحية في عالمنا لم تلقَ بعد الاهتمام الكافي، لذا فمن الجيد البحث في العوامل المؤدية إلى النوم الصحي، وإدراك الفرق بين النوم السوي والشاذ، ومعرفة منشأ الأحلام، والتنبؤ بما سيكون للنوم من شأن عظيم في الغد القريب.
مؤلف كتاب مستقبل النوم
ديفيد فريزر- هاريس: وهو كاتب اسكتلندي شهير، وأستاذ فسيولوجي، درس بجامعة جلاسكو وتابع دراساته العليا في جامعات برن وهايدلبرج وزيورخ، وعمل أستاذًا بجامعات عدة، وآخر مناصبه العلمية كانت أستاذًا للفسيولوجي بجامعة دالهوزي، استطاع المؤلف أن يمزج بين الطب ومعرفته التاريخية، ومن أهم مؤلفاته: “الأعصاب”، و”الأسس الكيميائيَّة للحياة”، وانتهت مسيرته الحافلة بوفاته عام 1937.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد بدران: مؤلف وواحد من أبرز المترجمين المصريين في العصر الحديث، وأطلق عليه محمد شفيق غربال لقب “عمدة المترجمين”، حصل على الدكتوراه بأطروحة عن “الملل والنحل”، كما عمل بالتدريس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومدرس بمعهد الصحافة، وتولى إدارة الثقافة في وزارة التربية والتعليم، وعام 1914 شارك في تأسيس لجنة التأليف والترجمة والنشر، وألف كتاب “الفلسفة في الميزان وتأسيس القواعد من القرآن”، كما ترجم وراجع كتبًا أجنبية عدة أهمها: “تاريخ المسألة المصرية”، و”معالم في تاريخ الإنسانية”، و”هنري السادس”، و”موسوعة تاريخ العالم”.