القرآن.. المعجزة الكبرى
القرآن.. المعجزة الكبرى
يتناول الدكتور مصطفى محمود معجزة القرآن الكبرى التي يسميها المعمار أو البنية أو التركيب العضوي أو الترابط الحي بين الكلمة والكلمة، مشبهًا القرآن بالكائن الحي قائًلا: “إن كلماته كخلايا الكائن الحي تتكرر وتتشابه، ومع كل ذلك فهو ليس تكرارًا يبعث على الملل، وإنما يتنوع ويختلف بل في كل مرة يحمل معاني جديدة، فكما تتنوع خلايا الكائن الحي الواحدة أيضًا تتنوع الكلمات القرآنية الواحدة، فخلايا الجنين تنقسم لتعطي الرئتين والقلب والكبد والأعصاب والجهاز الهضمي والأحشاء إلى أن تعطي في النهاية إنسانًا كاملًا؛ فقد جاء كل هذا التنوع من خلايا متشابهة، فذلك هو التفصيل والتنوع كان مجملًا في الخلية الأولى التي تكون منها الجنين”.
ومن الأمثلة القرآنية التي توضح هذا المعنى كلمة “العلم” التي تكررت هي ومشتقاتها في القرآن ثمانمائة وخمسين مرة، فنجدها تأتي مجملة بمعنى النظر في خلق السماوات والأرض ثم نجد أن النظر يأتي مفصلًا بعد ذلك كما جاء في قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)﴾، فالمقصود هنا النظر والتدبر في الكون من حولنا، وهذه هي علوم الأحياء والفلك والجولوجيا التي نعرفها الآن.
ثم ينقلنا القرآن إلى معنى آخر للنظر وهو النظرفي التاريخ، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚكَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ﴾، ثم نرى تنوعًا آخر للكلمة نفسها يدل على النظر في التطور وعلم الأجناس ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾.
إن القرآن مليء بآيات أخرى لأمثلة التفصيل بعد الإجمال، وكل مرة تأتي بمعنى وتفصيل ومشهد يختلف عن سابقه ثم تفصيل ثالث ورابع، وكل هذا يدل على عظمة وإعجاز كلمات الخالق القرآنية.
الفكرة من كتاب القرآن كائن حي
يتحدث الكاتب في هذا الكتاب عن اللغة القرآنية وربط القرآن بمجالات الحياة كافة، فيه يقود تذوقنا بأسلوبه السلس الفلسفي العميق المعنى والبسيط لفظًا، ويدفع فينا طاقات التأمل والتدبر في كلمات هذا الكتاب الرباني، فلم يقتصر فيه على لغة القرآن بوصفها لغة معجزة وحسب بل تطرق إلى مواضيع عدة في شتى مناحي الحياة التي كانت وما زالت نراها تتجسد حية كلها في القرآن.
مؤلف كتاب القرآن كائن حي
مصطفى محمود، طبيب وفيلسوف وكاتب مصري، ولد عام 1921 في أسرة متوسطة الحال، تخرج في كلية الطب، وتخصص في الأمراض الصدرية.
تفرغ للكتابة والبحث العلمي، وقدم ببرنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان)، وهو برنامج يتخذ من الصورة والمادة العلمية والتأمل الصوفي مدخلًا إلى الإيمان بالله.
توفي في عام 2009 عن عمر ناهز الـ88 عامًا.