ما حالة الآلة – الإنسان؟
ما حالة الآلة – الإنسان؟
نحن الآن نعيش في واقع معزّز، يُطلق عليه البعض عالم ما فوق الأنسنة، فهو مرحلة انتقالية إلى الحالة اللاحقة من التطور الإنساني، ونحن كبشر أجزاء من برنامج التطور المحفَّز بالتكنولوجيا، ويمكن تعريف حالة ما فوق الأنسنة على أنها الحركة التي نمت بشكل متدرج على امتداد العشرين سنة الماضية، وهي حالة تنشأ بتقدّم التكنولوجيا، لتعزيز الحالة الإنسانية والإنسان ككائن حي.
تقدم التكنولوجيا عديدًا من التعزيزات لقدرات الإنسان الذاتية، ومن هذه التعزيزات، المنشّطات التي يتناولها الرياضيون، واللقاحات وغيرها، وقد أخذت تتداخل في الآونة الأخيرة مع تركيب الإنسان نفسه في الكائن الإنساني، وفي الجينات الوراثية، وحتى في الأجنة قبل تشكّلها، ومن هنا ظهر مصطلح الآلة – الإنسان، وقد أطلق الكاتبان هذا المصطلح؛ اعتقادًا منهما أننا سنصل إلى مرحلة لن نستطيع فيها أن نحدّد أين تنتهي سمات الإنسان الحي، وأين تبدأ سمات الآلة الجامدة، وربما حتى لن نستطيع أن نحدّد ما هي، وأين هي نقاط التواصل بين ما هو إنساني وما هو آلة، وأضافوا بأن هذه ليست تخيّلات، بل هي نتيجة برامج بحوث مكثّفة تُجرى في بعض مختبرات الدول الصناعية المتقدمة.
وعلى الرغم من أن البشر قابلون للتمدّد بشكلٍ موازٍ مع التكنولوجيا التي تعزّزهم، فإن هذا الافتراض يحمل ثمنًا باهظًا، لأنه يبسِّط التحديات التي يدّعي مفهوم ما فوق الأنسنة مواجهتها، كما أن البشر لا يفهمون بشكل جيد التكنولوجيا الجديدة ولا التعقيدات التي تُولدها، وهذا سيصبح أسوأ فأسوأ عندما يبدأ البشر في تعزيز أنفسهم بطرق عديدة.
وتعزيز القدرات على المستوى الفردي لا يؤدّي بالضرورة إلى إنسان أفضل، وإلى مجتمع معزّز، فنحن لا نريد أن يكون اهتمامنا حول ما هو سليم تقْنيًّا ومحق أخلاقيًّا في التعزيز التكنولوجي، ولكن نريد أن نوجّه اهتمامنا حول ما هو ممكن التحقيق من الناحية التشغيلية، ونوع “الأفضل” الذي نقصده لا يتعلق بحماية البشر من الأمراض والأوبئة، ولكن يتعلق بإعادة حالة الإنسان، بجعل البشر أفضل مما هم عليه بكل الأبعاد، وإن التعزيزات بالطبع جيدة إن كانت تنجز ما هو جيد، وتجعلنا أفضل، ليس بمجرد شفاء أمراضنا، ولكن بجعلنا بشرًا أفضل.
الفكرة من كتاب حالة الآلة – الإنسان
يمر العرق البشري في القرن الواحد والعشرين، وكوكب الأرض عمومًا بمرحلة حرجة ستؤدّي إلى تغييرات هائلة في القريب العاجل، فنحن نعيش الآن في ما يعرف بـ “عصر الآلة – الإنسان” فلا نستطيع تحديد ما هو إنساني، وما هو آلة، وسط التشتُّت الكبير من التكنولوجيا التي تهدف إلى القضاء على كل ما هو إنساني.
وقد استعرض الكتاب مختلف تأثيرات المستجدات التكنولوجية المتراكمة في جميع مناحي الحياة، كما وضح التغييرات الجذرية المتوقعة في ظل هذه المرحلة الحرجة، وما إذا كنا سنستطيع التأقلم عليها، أم أن التكنولوجيا ستغطى علينا وتُعيد تشكيلنا، كما وضح الكاتب أن ما نعانيه الآن ليس جديدًا، بل هي حالة رافقت وتزامنت مع تطور الجنس البشري، منذ اكتشاف النار، مرورًا باختراع السكك الحديدية وحتى الآن، الفارق الوحيد هو الوتيرة السريعة التي تتقدّم بها التكنولوجيا من حولنا. لذا شدّوا الحزام واستعدّوا للانطلاق في هذه الرحلة.
مؤلف كتاب حالة الآلة – الإنسان
بردان ر. اللنبي : وُلد في عام 1950، وهو عالم ومحامٍ بيئي، يعمل أستاذًا للهندسة المدنية والبيئية والقانون في جامعة ولاية “أريزونا”، تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف في جامعة “ييل” عام 1972، وحصل على الدكتوراه في القانون، وماجستير في الاقتصاد في جامعة “فيرجينيا”، كما حصل على ماجستير ودكتوراه في العلوم البيئية في جامعة “روتجرز”، وعمل محاميًا لمجلس الطيران المدني ولجنة الاتصالات الفيدرالية، فضلاً عن كونه مستشارًا استراتيجيًّا في قضايا الاتصالات الاقتصادية والتقنية.
ومن أهم أعماله :
Design for Environment.
Reconstructing earth Technology and environment in the age of humans.
دانيال سارويتز : وُلد عام 1955، وهو أستاذ العلوم والمجتمع بجامعة ولاية “أريزونا”، ويشغل منصب المدير المشارك لاتحاد العلوم والسياسة والنتائج (CSPO)، ويركز عمله على الكشف عن الروابط بين العلوم، والبحث العلمي، والنتائج الاجتماعية، حصل على دكتوراه في العلوم الجيولوجية في جامعة “كورنيل” عام 1986، وألَّف عددًا من المقالات العلمية والعامة حول تفاعلات العلوم، والتكنولوجيا والمجتمع، كما عمل في قضايا سياسة البحث والتطوير موظفًا في مجلس النواب الأمريكي.
ومن أهم أعماله :
Frontiers of illusion
Prediction: Science, Decision Making, and the Future of Nature.
معلومات عن المترجم:
حسن الشريف : حائز على دكتوراه في الهندسة النووية من جامعة “كاليفورنيا” في “بيركلي”، ويعمل مستشارًا لسِياسات العلم والتكنولوجيا في المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، ومحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفي الجامعة اللبنانية الأمريكية.