نماذج قرآنية
نماذج قرآنية
من النماذج الرجولية التي ذكرها القرآن: الرجلان من قوم موسى ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، وقد وصفهم الله بوصفين: “من الذين يخافون: فخوفهم لله وحده، على عكس قومهم الذين يخافون عدوهم، أما الوصف الثاني: “أنعم الله عليهما”، وهي نعمة الإيمان والثبات والثقة في الله (عز وجل)، فقول الحق مَعلمٌ رجولي عظيم.
والنموذج الثاني هو مؤمن آل فرعون، وهو نموذج قوي في الرجولة، فموقفه يجمع بين المناصحة والمدافعة، فقد وقف أمام فرعون أكبر طاغية للدفاع عن موسى (عليه السلام): ﴿وَقَالَ رَجُلࣱ مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ رَجُلًا أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ وَقَدۡ جَاۤءَكُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ مِن رَّبِّكُمۡۖ وَإِن یَكُ كَـٰذِبࣰا فَعَلَیۡهِ كَذِبُهُۥۖ وَإِن یَكُ صَادِقࣰا یُصِبۡكُم بَعۡضُ ٱلَّذِی یَعِدُكُمۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ﴾، ولو تتبَّعنا خطابه بأكمله لتلمَّسنا عظيم الدروس في الحكمة وحسن المنطق والإنصاف، كما استخدم أسلوب الاستدراج والمُلاطفة ليُشعرهم أنه منهم فتكرَّر قوله “یَـٰقَوۡمِ” على عكس فرعون اللعين الذي استخفَّ قومه فأطاعوه، واستبدَّهم بجبروته وطغيانه، ودلَّس عليهم ما دلَّس.
أما النموذج الثالث فهو نموذج مؤمن آل ياسين، الرجل الذي جاء من أقصى المدينة، يصفه الله (عز وجل): ﴿وَجَاۤءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ رَجُلࣱ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ﴾، فهذه الرجولة الصادقة التي تدفع صاحبها للاستجابة والعمل، إنه يشعُّ منها حرارة الصدق، وتلبية الحق المُبين، وفي خطابه لقومه عٍبر ودروس عظيمة في معاني الرجولة، وحتى بعد أن قتله قومه يقول: ﴿یَـٰلَیۡتَ قَوۡمِی یَعۡلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِی رَبِّی وَجَعَلَنِی مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ﴾؛ إنه الاشتغال عن الشماتة بالترؤُّف على الحال، فإنه يتمنَّى الخير لمن قتله!
الفكرة من كتاب معالم الرجولة في القرآن الكريم
خلال التغيُّرات الثقافية التي تتعرَّض لها المجتمعات تبرُز قيم وتختفي أُخرى، وقد يكون من تلك القيم التي بدأت في الاندثار قيم لا تصلح المجتمعات إلا بها؛ قيم مركزية لها أصالتها ووزنها الحقيقي في السواء المجتمعي وصلاحه.
ومن بين تلك المعالم والأخلاق الإسلامية؛ الرجولية، هذه الصفة الجامعة لمعاني العزَّة والاحترام والأداء العميق للواجبات وتحمُّل أعباء الحياة، هذه الصفة التي لا يكون بها صلاح الفرد والمجتمع فحسب، بل تكون بها عزَّته، وصار ذا منعة وبأس، لذا كان لا بد أن نُعيد فهمنا لهذه الخصلة العظيمة، لنُعيد إحياءها بشكل بارز في مجتمعاتنا الإسلامية.
في كتابنا يُقدِّم لنا بحثًا شاملًا عن معاني الرجولة في القرآن الكريم، وذلك بتتبُّعه للآيات التي ذُكر فيها كلمة “رجل” وما يتصل بها، ليُقدِّم لنا نتيجة بحثه في معاني الرجولة في القرآن الكريم.
مؤلف كتاب معالم الرجولة في القرآن الكريم
عبدالكريم صالح: وُلد عام 1956م بمصر، يعمل حاليًّا أستاذ التفسير وعلوم القُرآن بكلية القرآن الكريم ورئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر، له عدد من البحوث والمؤلفات منها:
إشراقات في توجيه ومعاني القراءات.
مناسبة أوائل السور بأواخرها.
يوم الفرقان في ضوء القرآن.