حقيقة قوَّة الرجل
حقيقة قوَّة الرجل
“ليس الإيمان بالتمنِّي، ولكنه ما وقر في القلب وصدَّقه العمل”، فالإيمان ليس مجرد كلمة تُقال، ولكنه تصديق يتبعه عمل، وهكذا هم الرجال حقًّا، لا تلهيهم الدُنيا أمام ذكر الله (عز وجل)، فيهم من الجدِّ والعمل ما يُحرِّكهم لما يُحبُّه الله (عز وجل).
يقول تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، فبيوت الله هي منشأهم، فيرفعونها بذكر الله وإقامة شعائره، يجتمعون فيها فيصلون لربِّهم جمعًا، وفي لفظ “رجال” وكأنه لا تتم سمة الرجولة إلا بتلك الخصال، وبهذا يقوم الدين.
وعلى النقيض فقد ذكر الله (عز وجل) مسجد ضرار، الحالة التي تعكس حالة التطهُّر التي هي حال المؤمنين، لهذا وُصف أهل قباء ﴿فِیهِ رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ﴾، والفعل المُضارع في “يحبون” و”يتطهَّروا” دلالة على الاستمرار والتجدُّد، والطهارة تشمل الطهارة المعنوية والطهارة الحسيَّة.
وبعد الإعداد القوي الربّاَني، والانقياد لأمر الله؛ يظهر الرجال في المواقف التي يُتطلَّب فيها صدعٌ بالحق، وشجاعة، ونصح لله، نرى هؤلاء الرجال الذين لا يخافون في الله لومة لائم، وقد ذكر القرآن الكريم نماذج عديدة لهؤلاء الرجال.
الفكرة من كتاب معالم الرجولة في القرآن الكريم
خلال التغيُّرات الثقافية التي تتعرَّض لها المجتمعات تبرُز قيم وتختفي أُخرى، وقد يكون من تلك القيم التي بدأت في الاندثار قيم لا تصلح المجتمعات إلا بها؛ قيم مركزية لها أصالتها ووزنها الحقيقي في السواء المجتمعي وصلاحه.
ومن بين تلك المعالم والأخلاق الإسلامية؛ الرجولية، هذه الصفة الجامعة لمعاني العزَّة والاحترام والأداء العميق للواجبات وتحمُّل أعباء الحياة، هذه الصفة التي لا يكون بها صلاح الفرد والمجتمع فحسب، بل تكون بها عزَّته، وصار ذا منعة وبأس، لذا كان لا بد أن نُعيد فهمنا لهذه الخصلة العظيمة، لنُعيد إحياءها بشكل بارز في مجتمعاتنا الإسلامية.
في كتابنا يُقدِّم لنا بحثًا شاملًا عن معاني الرجولة في القرآن الكريم، وذلك بتتبُّعه للآيات التي ذُكر فيها كلمة “رجل” وما يتصل بها، ليُقدِّم لنا نتيجة بحثه في معاني الرجولة في القرآن الكريم.
مؤلف كتاب معالم الرجولة في القرآن الكريم
عبدالكريم صالح: وُلد عام 1956م بمصر، يعمل حاليًّا أستاذ التفسير وعلوم القُرآن بكلية القرآن الكريم ورئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر، له عدد من البحوث والمؤلفات منها:
إشراقات في توجيه ومعاني القراءات.
مناسبة أوائل السور بأواخرها.
يوم الفرقان في ضوء القرآن.