ملف الهجرة الشائك
ملف الهجرة الشائك
يبدأ الكتاب بالحديث عن إحدى أهم القضايا التي تواجه العالم في العصر الحديث، وموضع الخلاف في أغلب الحملات الانتخابية مؤخرًا، وهي قضية الهجرة، ويزعم الكتاب وجود مبالغة في ما يتعلق بالأرقام الحقيقة للمهاجرين، وكذلك التأثير الذي يتسبب به المهاجرون في سوق العمل من ناحية زيادة معدلات البطالة بين السكان الأصليين وانخفاض الأجور، ويساعد السياسيون كذلك (خصوصًا في اليمين المتطرف) على تأكيد هذه الأفكار المضللة لاجتذاب أصوات الناخبين، فمثلًا، ادعت المرشحة الفرنسية “مارين لوبان” في حملتها الانتخابية عام 2017 أن غالبية المهاجرين ذكور بالغون يعيشون على الإعانات الاجتماعية، بينما أشارت الإحصائيات إلى أن نسبة الذكور لا تتعدى 58%، وأن أغلبية المهاجرين يعملون لكسب رزقهم، هذا بالإضافة إلى حملة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الشهيرة، التي صورت أن المهاجرين يضْعِفُون الاقتصاد ويسرقون الوظائف من مستحقيها الأصليين، يشرح الكتاب أن هذه الأفكار تبدو متوافقة مع نموذج العرض والطلب، فكلما زادت العمالة البشرية قلَّ الطلب عليها، ولكن الأمر في الواقع ليس بهذه البساطة ويتغير تبعًا لعوامل عدة، منها أن زيادة عدد السكان نتيجة للهجرة يعني زيادة الاستهلاك وهو ما يُوَفر المزيد من العمالة، وكذلك أن توافر العمالة البشرية في الاقتصاد قد يُبطئ عملية الميكنة، ويتيح تَرَقِّي السكان الأصليين لفرص عمل تتطلب مهارات تواصل لا يمكن للمهاجرين القيام بها، ومن الممكن أن يقوم المهاجرون من أصحاب المهارات المحدودة بالوظائف التي يرفضها السكان الأصليون، بينما يتنافس المهاجرون أصحاب المهارات العالية مع أقرانهم المحليين بصورة مباشرة، وهو أمر جيد لأصحاب الوظائف المحدودة المهارات لظهور سوق جديدة من المستهلكين، ويستشهد الكتاب بتصريح الأكاديمية الوطنية للعلوم لعام 1997، التي قررت بعد دراسة تأثير الهجرة في الاقتصاد لمدة عشرة أعوام، أن الهجرة ذات تأثير صغير في أجور العمالة المحلية.
المشكلة هنا أن هجرة العمالة إلى الأماكن التي تتوافر فيها الفرص أمر محدود جدًّا، فعلى الرغم من التجارب العديدة التي تظهر الزيادة في الدخل كنتيجة محتملة للهجرة، فإن السكان غالبًا ما يميلون إلى البقاء في أوطانهم حتى عندما تسوء الأوضاع الاقتصادية، يرجع الكتاب هذا السلوك إلى عدة أسباب منها الخوف من المجهول، وتجنب احتمالية الفشل، وافتقاد الشبكات الاجتماعية التي تساعدهم على النجاح في المجتمعات الجديدة، إلى جانب عدم توافر المعلومات الصحيحة أو التوعية بالعوائد الاقتصادية للهجرة، ويمكن أن تساعد الحكومات على تغيير هذا الوضع، عن طريق تحفيز انتقال العمالة وتوفير المساعدات اللازمة لهم للبدء في الحياة الجديدة.
الفكرة من كتاب اقتصاديات جيدة للأوقات الصعبة
بعدما حقق كتاب “اقتصاد الفقراء” نجاحًا في وصف الطبيعة الاقتصادية للفقر وتقديم حلول عملية لمحاربته، قرر الكاتبان الشروع في دراسة المشكلات الاقتصادية الأكثر بروزًا في الدول المتقدمة، وذلك لوجود أوجه تشابه كبيرة بينها وبين تلك المشكلات التي تظهر في الدول النامية، إلى جانب التأثير المتبادل في ما بينها، فالعالم بأكمله يعاني من تبعات التقدم التكنولوجي وتأثير ذلك في فرص العمل والأجور، وكذلك زيادة التفاوت في مستوى الدخل، وانعدام الثقة في الحكومات وعلماء الاقتصاد في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، ويرجع الكتاب ذلك إلى أن علماء الاقتصاد نادرًا ما يحاولون توضيح المنطق المعقد لأغلب القرارات الاقتصادية التي تخص العامة، موضحًا أن الاقتصاديين ينتهجون أسلوبًا يعتمد على البديهة والعلم معًا، كما أن المعايير الاقتصادية مثل مستوى الدخل يمكن أن تكون مضللة وتؤدي إلى استنتاجات خاطئة، ولذلك يحاول الكتاب أن ينتهج أسلوبًا يوضح الواقع من خلال الحقائق، آخذًا في الاعتبار الرغبة البشرية في تَلَقِّي التقدير والاحترام، وهو يطلب من القارئ أن يشاركه النقاش والأساليب العلمية في تقصي الحقائق.
مؤلف كتاب اقتصاديات جيدة للأوقات الصعبة
أبهيجيت بانرجي وإستر دافلو: باحثان في الاقتصاد بجامعة MIT، وحاصلان على جائزة نوبل عام 2019 تقديرًا لجهودهما في تقديم حلول جديدة وعملية للمشكلات التي تواجه الفقراء في العالم، إذ أسهم الكاتبان في إنشاء معمل “عبد اللطيف جميل” لمكافحة الفقر، الذي يجري تجارب عشوائية مُحْكَمَة بهدف الحصول على معلومات، ونشر أوراق بحثية تساعد على تقديم برامج قابلة للتنفيذ، بالتعاون مع المنظمات المعنية بتقديم الدعم للفقراء، الحكومية والتطوُّعية، كما ألفا كتاب “اقتصاد الفقراء” الذي فاز بجائزة أفضل كتاب اقتصاد لعام 2011 من مجلة فاينانشيال تايمز.