تصرُّفاتك مسؤوليتك
تصرُّفاتك مسؤوليتك
بعض الآباء والأمهات قد تصدر منهم تصرُّفات هي التي تؤدِّي إلى ارتكاب الأخطاء الفادحة من قِبل الطفل، ومن ضمن ذلك أخطاء التناقض والازدواجية، وتأتي على نوعين تناقض وازدواجية في التصرُّفات الصادرة من الآباء أي فعل الشيء وعكسه، وتناقض بين كلا الوالدين والآخر بحيث يرغب كل فرد فيهما بشيء معاكس للآخر!
فالمشكلة الأولى حينما يكون هناك ازدواجية في التصرُّفات كيف للابن أن يميِّز بين الصحيح والخطأ؟
فمثلًا عندما يرفع الوالد صوته إلى أقصى حد ثم يتذمَّر بعد ذلك من صوت أولاده، كيف سنقنع الطفل بذلك؟ وحينما تنطق الأم بأفظع الألفاظ ثم توبِّخ طفلها على نفس الكلمات كيف له أن يتعلَّم؟ إن الأخلاق والقيم لا تتجزَّأ وهي نفسها تنطبق على جميع الأعمار والناس، والوالدان هما القدوة للأبناء، هذه مفاهيم أساسية لقيام البيوت، فحسن الخلق شيء لا بد منه داخل وخارج المنزل، قال (صلَّى الله عليه وسلَّم): “إنما بُعِثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق”.
أما المشكلة الأخرى التي تمثِّل تناقضًا شديدًا أيضًا وهي عدم اتفاق الوالدين كما قلنا، بحيث تختلف مفاهيهما التربوية ويشتِّتان الأبناء وفقًا لذلك، وهذا أسلوب تربوي خاطئ بأن يريد الأب من ابنه شيئًا والأم تريد غير ذلك! وتتأثَّر وقتها نفسية الطفل لأن هذا الطبع بالتحديد ينشأ عنه الخلافات الزوجية التي تؤذي الأبناء، لذا من المهم أن يتفق الوالدان على أسلوب تربوي واضح.
ومن الأخطاء الشائعة كذلك غياب الابتسامة وعدم بشاشة وجه الوالدين طوال الوقت!
فللأسف شريحة كبيرة من الناس يعتقدون أن العبوس والشدة من الأساليب التي تساعد على تربية الأبناء، متناسين أن اللين والدفء هما اللذان يسهمان في النشأة الصالحة والسويَّة للابن، فالطفل يحتاج إلى التشجيع والدعم والمدح المستمر، بينما الوالدان يحبطانه لأنه مهما فعل من محاسن يركِّزان على النصف الفارغ من الكأس.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.