لا تجرح طفلك!
لا تجرح طفلك!
قد تصدر من الآباء تصرُّفات جارحة ومؤذية للأطفال، إلى الحد الذي يجعلهم يعانون تراكماتها حتى بعد البلوغ، ومن ضمن التصرُّفات القاسية عدم مراعاة ضوابط العقاب البدني عند التربية، بينما ينبغي للمربي ألا يستخدم هذا الأسلوب.
فكيف نريد أطفالًا أسوياء ونحن نعاملهم بهذه القسوة؟ إن وسيلة الضرب وسيلة تدل على قلة الحيلة وعدم سيطرة الوالدَين على أنفسهما، بينما لا بد أن يتمعَّنا في الأمور، فالأمهات حينما يضربن الأولاد عقابًا على ضرب أحد الأطفال لأخته، لماذا لا يسألون أنفسهن: لماذا يضرب أخته؟ هل أنا أفرِّق بينهما؟ هل يغار من أخته؟ وغيرها من الأسئلة التي قد تكون دافعًا لتصرُّف الطفل.
وعلينا أن نعلم ضوابط العقاب البدني كونه آخر حل يمكن اللجوء إليه، فلا بد أن يكون حين يتفاقم الخطأ فقط، ولا يُضرب الطفل أبدًا من أول مرة، ولا يُضرب على وجهه ورأسه بتاتًا، كما أنه لا يضرب نهائيًّا أمام الآخرين، فإذا اضطرَّ الوالدان إلى الضرب فلا بد أن ينضبطا في هذا، مع الالتزام بأن يكون ضربًا تأديبيًّا غير مبرِّح.
وكذلك من الأخطاء القاسية على الطفل الإهانة والتحقير، فقد يكون شتم الطفل أقسى عليه نفسيًّا من الضرب، وينتج عن ذلك سلبيات لا حصر لها!
فالطفل بفطرته يحب الاحترام، لأن الكلمات تنطبع في ذهنه إلى أن يكبر ، فحاول أن تصون لسانك عن ابنك الذي هو قطعة منك!
هذا وتُعدُّ التفرقة ما بين الأبناء كارثةً تجعل قلوبهم مليئة بالضغينة بعضهم تجاه البعض الآخر! وبخاصةٍ الطفل الأول الذي غالبًا ما يكون الاهتمام به شديدًا حدَّ الدلال المبالغ به، في حين أن التوازن مطلوب والعدالة المادية والمعنوية مطلوبة، قال (صلَّى الله عليه وسلَّم): “اتَّقوا الله واعدلوا في أولادكم”.
ويسبِّب الإسراف في الدلال خطأ خوف الآباء ورفضهم فرض الانضباط على الطفل، وغالبًا كما قلنا يكون مع الطفل الأول، فيتساهلون في دلاله لدرجة أن الطفل هو الذي يتحكَّم بهم، وينشأ هذا الطفل رافضًا للمجتمعات الدراسية لأنه يريد من الجميع أن يعامله بذات المستوى الترفيهي، فهذا الإفراط يؤدي إلى المشكلات أيضًا، لذا من المهم توجيه الطفل إلى الانضباط بشكل سليم خالٍ من القسوة.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.