الطغمة والأزمة البيئية
الطغمة والأزمة البيئية
تُعرّف الطغمة بأنها “نظام سياسي تكون السلطة فيه لبعض العائلات القوية”، ويرى المؤلف أن الكوكب محكوم اليوم بواسطة طغمة تراكم الدخول والملكية والسلطة بجشع لم يسبق له مثيل، هذه الطغمة جشعة في استهلاكها وتكديسها للثروة، إلى درجة أنها لا تستطيع أن ترى تسمم المجال الحيوي وإهدار فرص الأجيال القادمة الذي يتسبب فيه تنامي الثروة المادية.
لكن لماذا يستهلك أفراد الطغمة بشراهة؟ من وجهة نظر عالِم الاقتصاد ثورشتين فيبلن، فإن الاقتصاد يهيمن عليه مبدأ الميل إلى التنافس، ويؤجج هذا التنافس مقارنة الذات بالغير للتقليل من شأن الآخر. وهكذا، يصبح امتلاك الثروة أو استهلاك السلع وسيلة تميز المرء على من حوله، وبهذا ينطلق أفراد الطغمة في منافسة شرسة للوصول إلى القوة والتميز، وبعدها تبدأ كل شريحة في المجتمع بالسعي إلى التميز من خلال تقليد الشريحة الأرقى منها، هذا التقليد يؤدي إلى إهدار كبير في الإنتاج والموارد، وبهذا يصبح الدافع الأساسي للحياة الاجتماعية هو التنافس العلني الذي يستهدف استعراض ملكية أكبر من ملكية الآخرين.
وهكذا، على عكس القاعدة التقليدية للاقتصاد التي ترى أن المصادر نادرة مقارنةً بالحاجات اللا نهائية للبشر، يرى فيبلن أن الحاجات ليست لا نهائية، فعند مستوى معين يكون الإنتاج كافيًا لإشباع هذه الحاجات، وما وراء هذا المستوى يكون الإنتاج سببه الاستعراض الاجتماعي.
ومن ثم فإن تفاقم الطغمة من الأزمة البيئية ليس فقط لأنها تشجع على الاستهلاك الزائد عن الحاجة، الذي يمارس ضغطًا على المجال الحيوي، ولكن أيضًا لأنها تقف في مواجهة التغيرات الجذرية التي ينبغي القيام بها لمنع تفاقم الوضع.
الفكرة من كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
في كتابه “كيف يدمر الأثرياء الكوكب؟” يحاول هيرفي كيمف مناقشة الأزمة الاجتماعية الناتجة عن التفاوت الرهيب بين الأثرياء والفقراء، ومناقشة الأزمة البيئية التي نتجت عن تسميم المجال الحيوي، ويشير إلى ضرورة التصدي لهذه الأزمات، لكن الطغمة -وهم فاحشو الثراء- لا يريدون تغيير الوضع الراهن لأنهم مستفيدون من هذه الأزمات، ومن ثم يحاولون إقناع الآخرين أن كل البدائل مستحيلة وأن الطريق الوحيد متمثل في النمو الدائم للثروة.
مؤلف كتاب كيف يدمر الأثرياء الكوكب
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسئولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “الخروج من الرأسمالية”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، له العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفكر العربي المعاصر والفلسفة، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.