مع المخطئ والمخفق
مع المخطئ والمخفق
راعت الشريعة الإسلامية من أراد فعل خير ولم يستطع أن يكون أجره تامًّا، ومن ذلك قوله (ﷺ): “إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، حبسهم المرض”، كما راعى النبي من أراد خيرًا فأخفق أو عجز عنه، يقول في ذلك ابن عمر: بعثنا رسول الله (ﷺ) في سرية، فحاص الناس حيصة فقدمنا المدينة فاختبينا بها وقلنا هلكنا، ثم أتينا رسول الله (ﷺ) فقلنا يا رسول الله نحن الفرارون، قال “بل أنتم العكارون”، وحاص الناس أي همُّوا بالفرار، والعكارون أي العائدين إلى القتال، كما كان النبي يراعي شعور المخطئ عند توجيه صحابته فلا يصرِّح بمن أخطأ، ولكن يقول ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا.
كما كان النبي يجبر خاطر من تبينت براءته من الخطأ، إذ كان زيد بن أرقم قد سمع قول عبد الله بن سلول في النبي فلما أُخبر النبي بقوله وواجهه به حلف بن سلول كذبًا، وصدقه النبي، فنزل بزيد الهم لظنه أن النبي يكذبه فيما أخبر، ويحكي زيد قالَ: فبينَما أَنا أسيرُ معَ رسولِ اللَّهِ (ﷺ) في سفرٍ قد خَفقتُ برأسي منَ الهمِّ، إذ أتاني رسولُ اللَّهِ (ﷺ) فعرَكَ أذُني وضحِكَ في وَجهي، فما كانَ يسرُّني أنَّ لي بِها الخُلدَ في الدُّنيا، ثمَّ إنَّ أبا بَكْرٍ لحقَني فقالَ: ما قالَ لَكَ رسولُ اللَّهِ (ﷺ)؟ قلتُ: ما قالَ لي شيئًا، إلَّا أنَّهُ عرَكَ أذُني وضحِكَ في وجهي. فقالَ: أبشِرْ، ثمَّ لحقَني عمرُ، فقُلتُ لَهُ مثلَ قولي لأبي بَكْرٍ، فلمَّا أصبحنا قرأَ رسولُ اللَّهِ (ﷺ) سورَةَ “المُنافقونَ”، وفيها تبين صدق خبر زيد وفضح فيها قول عبد الله بن سلول.
الفكرة من كتاب مراعاة المشاعر
يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، إذ إن من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام الإحسان إلى الناس والتلطُّف بهم، ومراعاة مشاعرهم وجبر خواطرهم، وجعل في تشريعاته نصيبًا لحفظ العلاقات الإنسانية، وتوثيق عُرى الأخوة بين المسلمين، وكانت حياة النبي (ﷺ) خير تطبيق عملي على ذلك، وصحابته من بعده، ولنا فيهم أسوة حسنة.
مؤلف كتاب مراعاة المشاعر
محمد صالح المنجد: داعية سوري، ولد عام 1961 في السعودية، ونشأ وعاش حياته فيها، حاصل على البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، اشتغل بالدعوة بعد عمر الثلاثين بتوجيه من الشيخ بن باز، وله نتاج دعوي كبير، كما كان من أول المستخدمين للإنترنت في العمل الدعوي بتأسيسه موقع الإسلام سؤال وجواب منذ عام 1997، وهو أول موقع إسلامي على الإنترنت، ويشرف عليه وعلى مجموعة مواقع الإسلام وعددها تسعة، وتنشر محتواها الدعوي بعشر لغات مختلفة، وهو المشرف العام على منصة زاد لتعليم العلوم الشرعية، وله عدد كبير من المؤلفات منها:
كيف عاملهم.
كيف تقرأ كتاًبا.
مشروعك الذي يلائمك.
الأساليب النبوية في علاج الأخطاء.