مع المحتاجين والمرضى والموالي
مع المحتاجين والمرضى والموالي
ومما تحرص عليه الشريعة أيضًا مراعاة شعور المحتاجين المتعفِّفين عن السؤال، وكان النبي الكريم يلمح حاجات أصحابه دون أن يصرِّحوا، ويكفيهم حاجتهم دون أن يصرح بها أيضًا، فعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال: “بينَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ (ﷺ) إِذ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ له، فجعل يَصْرِف بصَرهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَال رسولُ اللَّه (ﷺ): مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ، فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأحدٍ مِنَّا في فَضْلٍ).
ومن الإسلام مراعاة شعور من أصابه مرض أو تشوُّه أو عيب، ومن ذلك عدم الإيذاء بالقول أو اللمز أو حتى بإطالة النظر لقوله (ﷺ): “لا تحدُّوا النظر إليهم” وكان يعني المجذومين، وقد كان عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) يجتني سواكاً، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله(ﷺ): (مم تضحكون؟)، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد)، فطيَّب بذلك خاطره ومنع أصحابه من فعلهم.
وكان (ﷺ) أيضًا رقيقًا مراعيًا مع مواليه، يقول أنس بن مالك: كان رسولُ اللهِ (ﷺ) مِن أحسنِ الناسِ خُلُقًا، فأرسلني يومًا لحاجةٍ ، فقلتُ : واللهِ لا أَذْهَبُ وفي نفسي أن أَذْهَبَ لما أَمَرَني به نبيُّ الله، فخرَجْتُ حتى أَمُرُّ على صِبْيانٍ وهم يلعبون في السُّوقِ، فإذا رسولُ اللهِ (ﷺ) قابضٌ بقَفَايَ مِن ورائِي، فنظَرْتُ إليه وهو يَضْحَكُ، فقال: يا أُنَيْسُ، اذهبْ حيث أمرتُك، قلتُ: نعم، أنا أَذْهَبُ يا رسولَ اللهِ، قال أنسٌ: واللهِ لقد خدَمْتُه سبعَ سنين -أو تسعَ سنين– ما علمتُ قال لشيءٍ صنعْتُ: لِمَ فَعَلْتَ كذا وكذا، ولا لشيءٍ تَرَكْتَ: هلَّا فعلتَ كذا وكذا”.
الفكرة من كتاب مراعاة المشاعر
يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، إذ إن من الأخلاقيات التي حثَّ عليها الإسلام الإحسان إلى الناس والتلطُّف بهم، ومراعاة مشاعرهم وجبر خواطرهم، وجعل في تشريعاته نصيبًا لحفظ العلاقات الإنسانية، وتوثيق عُرى الأخوة بين المسلمين، وكانت حياة النبي (ﷺ) خير تطبيق عملي على ذلك، وصحابته من بعده، ولنا فيهم أسوة حسنة.
مؤلف كتاب مراعاة المشاعر
محمد صالح المنجد: داعية سوري، ولد عام 1961 في السعودية، ونشأ وعاش حياته فيها، حاصل على البكالوريوس من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، اشتغل بالدعوة بعد عمر الثلاثين بتوجيه من الشيخ بن باز، وله نتاج دعوي كبير، كما كان من أول المستخدمين للإنترنت في العمل الدعوي بتأسيسه موقع الإسلام سؤال وجواب منذ عام 1997، وهو أول موقع إسلامي على الإنترنت، ويشرف عليه وعلى مجموعة مواقع الإسلام وعددها تسعة، وتنشر محتواها الدعوي بعشر لغات مختلفة، وهو المشرف العام على منصة زاد لتعليم العلوم الشرعية، وله عدد كبير من المؤلفات منها:
كيف عاملهم.
كيف تقرأ كتاًبا.
مشروعك الذي يلائمك.
الأساليب النبوية في علاج الأخطاء.