اللمحات الأولى
اللمحات الأولى
بعدما أصاب حُسيل بن جابر العبسي دمًا في مكة؛ رحل إلى يثرب وحالف بني الأشهل اليمانية فلُقِّب باليمان، وتزوَّج منهم الرباب بنت كعب التي ولدت له حذيفة، وصفوان، وسعدًا، ومدلج، وليلى، وكان بيتهم ذا طبيعة فريدة؛ مزيج بين طباع مكة والمدينة. وبعد انقطاع طويل عن مكة بدأ اليمان يتردَّد عليها؛ وبلغه أمر الدين الجديد، ثم أسلم وأهله قبل هجرة الرسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ثم جاءت موقعة بدر الكبرى، وكان اليمان وابنه حذيفة في مكة آنذاك فخرجا إلى المدينة ولكنهما لم يبلغا هدفهما كما يروي حذيفة قائلًا: “ما مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قالَ: فأخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْش، قالوا: إنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: ما نُرِيدُهُ، ما نُرِيدُ إلَّا المَدِينَةَ، فأخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ معهُ، فأتَيْنَا رَسولَ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم)، فأخْبَرْنَاهُ الخَبَرَ، فَقالَ: انْصَرِفَا، نَفِي لهمْ بعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عليهم”، ولا نجد لحذيفة ذكرًا في كتب السيرة قبل بدر تقريبًا، وهذا يبيِّن لنا سمة من سماته تظهر أكثر بمرور الأحداث، وهي أنه لا يحب الظهور ويشبهه الكتاب برجل الظل الذي لا يظهر إلا لمهمة محدَّدة ثم يعود إلى العمل في هدوء بعيدًا عن الأنظار، وقبلها كان النبي (ﷺ) قد آخى بينه وبين عمار بن ياسر المهاجر، وإذا أردنا تقدير عمره في ذلك الوقت فيمكن القول إنه قريب من 30 أو 35 سنة، وأما هيئته فكان صدَعًا من الرجال تجتمع فيه القوة والخفة، حسنَ الثغر، متمتعًا بالصحة والقوة حتى في كبر سنه.
الفكرة من كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
نعيش مع الكتاب سيرة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، ونراه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف يعلمه ويربيه، ثم نرى كيف عمِل بعلمه وكيف واجه الفتن.
مؤلف كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: باحث دكتوراه وكاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “نظرية الدين والتديُّن: الفهم والوهم”، و”الخلاصة في علم مصطلح الحديث”، وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا وكتبًا عن صحابة آخرين منهم “خوَّات” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” (رضي الله عنهم جميعًا).