خطوة في اليابان
خطوة في اليابان
تطوَّرت مجالات العربي واتجهت إلى الأجهزة الكهربائية بعد ملاحظة ارتفاع نشاطها في مصر رغم حظر الاستيراد، وبتوالي الأحداث والسنين حقق العربي نجاحًا مذهلًا في بيع الأجهزة، وصار وكيًلا رسميًّا ودائمًا لمنتجات توشيبا في مصر، لكن الحلم قد امتد بعد النجاح ليشمل التصنيع، فعمل آل العربي بكل كد لتحقيقه وقد جعلوا أمام أعينهم “توشيبا” هدفًا، إيمانًا منهم أنه الأفضل، وقد أكد ذلك عبد الجيد (رحمه الله) عندما سافر بنفسه إلى اليابان كي يتحقق من الاختيار، ومن ثم ابتدأت رحلة العربي في السعي لشراء الأراضي وتحقيق المقومات والمفاوضات لإقامة مصانع توشيبا على أرض مصرية والبدء في تصنيع المراوح.
وكعادة العربي فقد خرج بدروس تعلمها من زيارته لليابانيين، منها أن خدمات ما بعد البيع من أهم أسباب كسب ثقة العميل، إضافة إلى مهارات احترافية في التسويق والتنظيم وإدارة مراكز الصيانة، وبالتأكيد اكتسبوا منهم مهارات العمل الجماعي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية مهما كلف الأمر، “ولا تتوسَّع في شيء قبل أن تتقنه تمامًا”، وذلك سر الصناعة اليابانية المتقنة، وكذلك فهم من وجهة نظره من أفضل الشعوب اهتمامًا بالإنسان، والتزامًا بالأخلاق الفاضلة التي ينقصنا تطبيقها في مجتمعاتنا كي تنهض.
وهكذا استمر العربي في افتتاح مصانع لتصنيع الأجهزة بدءًا من المراوح وما تلاها من أجهزة أخرى كالتلفزيون، مرورًا بوحدات التبريد والثلاجات من علامة “شارب”، إلى مصانع تكنولوجيا الإضاءة والمصابيح، وحتى مصانع الزجاج.. ملتزمين بمعايير الجودة اليابانية، ومعاييرهم الأخلاقية التي أرسوها، مشاركين بكثير من مشاريع التنمية المجتمعية، وقد اهتموا بالتعليم والمدارس بشكل خاص، كذلك شارك “محمود العربي” في البرلمان، كما صار رئيسًا لغرفة تجارة مصر.
الفكرة من كتاب سر حياتي: حكاية العربي
من طفل يتاجر في قروشه المعدودات إلى ملياردير جل همه توظيف أكبر عدد من العاملين ليكون لهم عونًا وسببًا بعد الله (عز وجل)؛ إنه رجل الأعمال المصري والاقتصادي المحترف، رئيس اتحاد غرف تجارة مصر “محمود العربي”، الذي أسر الجميع بحسن خلقه وأسسه القويمة، مع انتماء غير مسبوق إلى أصله البسيط ونشأته الدينية في قرية أبو رقبة بالمنوفية، كتب قصته مذ كان في الخامسة من عمره بشقاء وكد لا يعرف الاستسلام، وبتضحيات حقيقية تخلو من كل رياء وتكلُّف وزهو، بل يزينها الصدق والأمانة وحفظ الحقوق كمفاتيح سرية لكسب القلوب ونيل البركة، وقد نجح في ذلك حتى كانت جنازته (رحمه الله) مهيبة غير مسبوقة يعتصرها الألم على المفقود، وها نحن نستدرك أجزاء من حياته علَّنا ننتفع بما تركه من أثر طيب ومنهاج في الإدارة والأخلاق والتجارة على حد سواء، ثم نترحَّم عليه وندعو له بخير الجزاء، فسيرته الحسنة هي رزق من الله لعبده، وعمر آخر لا يفنى بفناء الجسد.
مؤلف كتاب سر حياتي: حكاية العربي
خالد صالح مصطفى السيد: كاتب ومهندس ومستشار إعلامي من مواليد القاهرة عام 1962، حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1985، وقد شارك في كثير من الأعمال متباينة المجالات كوضع مناهج تربوية وبرامج ترفيهية وتنموية لعدد من رياض الأطفال بالقاهرة، وكتابة السيناريوهات والمسرحيات والمقالات وتنفيذ ورش العمل الفنية والتنموية، فضلًا عن مهام الإشراف على تطوير مجلة نقابة المهندسين المصرية.