حول التربية
حول التربية
لا بد أن يحضر في ذهن المُربِّي أن عملية التربية ليست عملية جامدة، بحيث يكون لها قوانينها الخاصَّة التي لا بد من اتباعها، بل الإنسان نتيجة تفاعل لأشياء متعدِّدة، لذا ما يصلح لفرد قد لا يصلح لآخر، إلا أن هناك خطوطًا عريضة يتشارك فيها البشر، وهذه هي التي لا بد أن يعرفها المُربِّي، وأن يُنمِّي لديه القدرة على توظيف الفروق الفردية.
وقبل الدخول لخطوات التربية لا بد من فهم معنى “التربية”، فالتربية تتضمَّن عددًا من المفاهيم، وهي: التنشئة على الصلاح، والمداومة وعدم الانقطاع لحصول النماء والزيادة، ويكون ذلك في كل جوانب النفس البشرية، فيتم إعداد الفرد على نحو متكامل من الجوانب العقديَّة، العباديَّة، الأخلاقيَّة، العقليَّة، والصحيَّة، ويُنظِّم سلوكه وعاطفته ضمن الإطار الكُلِّي للشريعة الإسلامية.
والإنسان ليس جسدًا فحسب؛ إنه روح وعقل وقلب، له من المشاعر والأحاسيس والتصوُّرات والانفعالات التي لا بد للمُربي أن يعمل عليها، فتربية الجسد تكون بتوفير الغذاء من كسب حلال، والعناية بصحته ونظافته، أما تربية القلب تكون بتغذيته إيمانيًّا وبتعليمه القُرآن، وتربية روحه تكون بتزكية النفس ودعوته للأخلاق الحسنة، أما تربية العقل فتكون من خلال تغذيته بالتصوُّرات والمعلومات الصحيحة، وتعليمه طرائق الاستدلال والتفكير.
وقد ذُكرت التربية في القرآن في عدد من المواضع، منها قوله تعالى ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾، فحكم التربية في الشريعة الإسلامية واجبة على الوالدين والأولياء، من حيث صيانتهم ورعايتهم وحفظهم وتأديبهم، يقول تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾، ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”.
فالتربية هي التي تؤهل الإنسان ليعبد الله (عز وجل) على الوجه الذي يُرضيه، وتؤهله لفهم دينه والعمل به، وأن يقوم بدوره في الحياة، فلا يكون كلًّا أو عالة على غيره.
الفكرة من كتاب نحو تربية إسلامية راشدة
إن عملية التربية للشخصية المُسلمة ليست كأي عملية تربية لصاحب ديانة أو فِكر آخر، وذلك لأن المُسلم يقصد الفلاح الدنيوي والأُخروي، لذا كان من الضروري على المُربِّين تلمُّس أساليب التربية المتزنة الموافقة للشريعة الإسلامية ليتكوَّن جيل مستقيم مُستمسكًا بدينه ساعيًا في دُنياه.
وفي كتابنا يُقدِّم لنا الكاتب موجزًا يسيرًا جامعًا لمراحل نمو الإنسان منذ طفولتِه حتى مرحلة البلوغ، يتناول فيه خصائص كل مرحلة والمشكلات التي يمكن أن يواجهها المُربُّون، وتوجيهات ونصائح عامَّة معتمدًا على مواقف من حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) والسلف الصالح.
مؤلف كتاب نحو تربية إسلامية راشدة
محمد بن شاكر الشريف: باحث وكاتب إسلامي بمجلة البيان الإسلامية، حاصِل على درجة الليسانس في اللُّغة العربية والعلوم الإسلامية، ودرجة البكالوريوس في الهندسة الإلكترونيَّة والاتصالات، عمل بالتدريس ثم الإدارة في إحدى كبريات المدارس الأهليَّة في مكَّة المكرَّمة، ثم انتقل بعدَ ذلك للعمل في مجلة البيان.
مؤلفاته:
له عدد من المؤلفات مثل: “إن الله هو الحكم”، و”وقفات مع تجديد الخطاب الديني”، و”إدارة الدولة الإسلامية”.