أبرز التقلبات الفكرية
أبرز التقلبات الفكرية
من التقلبات التي ظهرت في السنوات الأخيرة هي التحول من التدين إلى الإنسانية؛ فتجد الكثيرين ممن كانوا على استقامة وصلاح لكنهم ينقلبون بعد ذلك إلى الهجوم على الدين ونقده متقمِّصين بعض المفاهيم الحديثة مثل الإنسانية، فهؤلاء “الإنسانويون” يقومون بنقد التدين وأهله مستغلِّين مساحة الحرية التي أتيحت في السنوات الأخيرة، ويقوم نقدهم على نقد المؤسسات الدينية ونقد بعض الموضوعات الاجتماعية وبخاصةٍ ما يتعلق بالمرأة ونقد الدعاة، لذلك يرى المؤلف أن ظاهرة نقد الدين التي يستند إليها الإنسانويون لم تنتشر بسبب قوتها الفكرية وإنما بسبب مواءمة الأوضاع العالمية مثل ظاهرة مكافحة الإرهاب.
مظهر آخر من مظاهر التقلب هو التحول من التعبُّد إلى التخلُّق؛ وقد كان التعبُّد بمعناه الجامع الذي يشمل العقيدة والشريعة والسلوك مفهومًا مركزيًّا وحاضرًا عند الناس، وكان التخلُّق (الآداب والسلوكيات الحسنة) عنصرًا مهمًّا من عناصر التعبُّد، لكن الآن وقع خلل عند البعض في العلاقة بين التعبُّد والتخلُّق، فتم إهمال التعبُّد والاهتمام بالتخلق، وبالتالي أصبح التركيز على مفاهيم مثل التحضُّر والتسامح والحوار وغيرها من المصطلحات التي أصابها الخلل بسبب تأثير الثقافة الغربية، وقد ظهر الاهتمام بالتخلُّق على يد بعض الدعاة الجدد الذين يتحدثون عن قصص الأنبياء أو الصحابة أو الصالحين، لكنهم يُبرزون جوانب التخلُّق الموجودة في هذه القصص، ومن المفاهيم التي أصبحت حاضرة بقوة وتمثل علامة لهذا التقلب والتحول: مفهوم التسامح، ومفهوم التيسير اللذين لهما أصول في الإسلام، لكن حصل تجاوزات في فهمهما والتعامل معهما، فهناك طائفة من الناس قامت بتأكيد قيمة التسامح والحوار في الإسلام حتى يدفعوا التهم التي لحقت بالإسلام من أن الإسلام يقوم على العنف والكراهية وعدم التسامح، لكن المؤلف يرى أنهم مع تأكيدهم قيمة التسامح أغفلوا نصوص الولاء والبراء، وأن الواجب هو الجمع بين الاثنين، أما مفهوم التيسير فيتم استعماله اليوم بشكل ضبابي فضفاض دون النظر إلى العواقب، أما المؤلف فيرى أن الصواب يتمثَّل في التأصيل لهذا المفهوم من أجل الوصول إلى الحق والسلامة دون إفراط أو تفريط.
الفكرة من كتاب التحولات الفكرية
في كتابه “التحولات الفكرية”، يحاول المؤلف إلقاء الضوء على ظاهرة بدأت تكثر في الآونة الأخيرة وهي التحولات والتغيرات العنيفة التي تحصل لأهل العلم والفكر بعدما تقع لهم هزات وأحداث عنيفة يكون لها مردودها على أفكارهم وتوجُّهاتهم، فيقوم المؤلف بشرح هذه الظاهرة باستفاضة، ثم يحاول تبيين أسبابها، كما يقوم بعرض أبرز التقلبات الفكرية التي يمكن ملاحظتها على الساحة في السنوات الأخيرة.
مؤلف كتاب التحولات الفكرية
الدكتور حسن بن محمد الأسمري: أستاذ مشارك بكلية الشريعة وأصول الدين، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، بجامعة الملك خالد في أبها.
من أشهر مؤلفاته: “النظريات العلمية الحديثة: مسيرتها الفكرية وأسلوب التفكير التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية”، و”الفلسفة والنص”.