نشأة المدرسة وأصل التسمية
نشأة المدرسة وأصل التسمية
تعدَّدت التسميات التي أُطلِقَت على “مدرسة فرانكفورت” مثل “المدرسة النقدية” أو “مركز البحوث الاجتماعية”، إلا أن الأول هو الأشهر على الرغم من كونه الأخير في الظهور مع عدم اعتماد المركز عند نشأته رؤية نقدية واضحة يمكن تسميتها بالمدرسة، ويقصد بها على كل حال: مجموعة المفكرين الألمان الذين أسسوا لمشروع علمي خاص بالفلسفة الاجتماعية، مستبطنين الرؤية الماركسية بالأساس، حول واقع المجتمع الألماني بعد الحرب العالمية الأولى.
المناخ الذي ظهرت فيه المدرسة النقدية كان مصاحبًا لخروج ألمانيا من الحرب العالمية الأولى فاقدة لكل شيء تقريبًا، وفي خضم هذه الروح الفاقدة لكل أمل من جدوى الفلسفة، تأسس مركز البحوث الاجتماعية التابع لوزارة التربية في نوفمبر من العام 1923م، ويحمل لواء الفضل في تأسيس المعهد ودعمه ماليًّا “فليكس فايل” صاحب فكرة خلق كوادر أكاديمية لمتابعة البحوث في الفكر الماركسي من أجل تجديد طاقتها الراديكالية والمنظر الأشهر للمدرسة “ماكس هوركهايمر”، وتولى “كارل جرونربغ” أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة فيينا رئاسة المعهد، وكان اهتمام المعهد في بداياته بمواضيع أساسية في الفكر الماركسي مثل المادية التاريخية والاقتصاد السياسي ومهام البروليتاريا، وغيرها.
تولى هوركهايمر رئاسة المعهد في يناير 1931، لتبدأ المرحلة الثانية من تاريخ المدرسة يطلق عليها المحللون مرحلة النضج، فقد كان هوركهايمر مؤمنًا بجعل الفلسفة الموضوع الرئيس للنظرية الاجتماعية النقدية، واستخدامها في تحليل البنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، بالإضافة إلى الاهتمام بالأبحاث السيكولوجية وبخاصةٍ التحليل النفسي مثل دراسة “التاريخ وعلم النفس” لهوركهايمر الذي أكد فيه أن علم النفس الفردي مهم في فهم التاريخ، ولا يعني ذلك التخلي عن أسس المدرسة، بل ظلت محتفظة بأسسها الماركسية، مع إدخال تعديلات عليها.
الفكرة من كتاب مدرسة فرانكفورت.. دراسة في نشأتها وتياراتها النقدية واضمحلالها
تحاول المؤلفة في هذا الكتاب تتبُّع أصول واتجاهات ما عُرِفَ بـ”مدرسة فرانكفورت” التي شكلت علامة فارقة في نقد الحداثة وتفكيك أبنيتها الفكرية، والتي امتد فكرها وأثرها لعقود طويلة في القرن العشرين، وأيضًا الخلل الذي اعترى البنية الفكرية للمدرسة وأدى إلى خفوت نجمها.
مؤلف كتاب مدرسة فرانكفورت.. دراسة في نشأتها وتياراتها النقدية واضمحلالها
الدكتورة ثريا بن مسميَّة، أستاذ فلسفة الجماليات بالعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة التونسية، وعضو الجمعية التونسية للدراسات الصوفية، شاركت في العديد من المؤتمرات العلمية داخل تونس وخارجها، لها العديد من الأبحاث والدراسات مثل “أشكال التجريد في فن الرسم الحديث”، و”جدل المفارقة”.