لماذا الإسلام؟
لماذا الإسلام؟
ما الذي يميز العبادات في الشريعة الإسلامية عن سائر العبادات والطقوس في الشرائع الأخرى؟
لنتفق أولًا على أنه لا يوجد دين بغير اعتقاد فكري وعمل سلوكي، فبهما يقوم الدين أو تقوم الفكرة حتى ولو كانت منحرفة، لأنه وكما اتفقنا حاجة الإنسان إلى الاعتقاد في أمر ما يحتمي في ظله وينافح عنه حاجة فطرية، وحاجته إلى التربية والترقي حاجة فطرية أيضًا، فالدين أو الفكرة أو العقيدة التي لا تقوم على منهج فكري وسلوكي لا تلبي ذلك الاحتياج بالترقي، وبالتالي فلا حاجة للإنسان فيها، فما بالك إن وافق ذلك المنهج فكرًا وسلوكًا فطرة الإنسان وأشبعها! ذلك مما لا يجده ابن آدم مهما بحث وأضاع عمره ووقته إلا في دين الإسلام.
أول خاصية من خصائص التشريع والعبادة في دين الإسلام والتي تخدم بدورها التربية أن العبادة خالصة لوجه الله تعالى، لا شريك له ولا معبود معه، فأنت سَلَمٌ لواحد، غير مشتَّت الوجهات ولا يُطلب منك أن تُرضيَ أطرافًا عدة، وإنما كما قالوا باختصار: كن واحدًا لواحد على طريق واحد.
الخاصية الثانية أن هذا الدين له أصل ومنهج وشرع شرعه الله سبحانه الذي خلق الخلق وهو أعلم بهم، فشرع لهم من العبادات ما يكفيهم ويلبي احتياجهم، فلا حاجة إلى زيادة أو نقصان في هذا التشريع، وهذا الأمر يصبُّ في الناحية التربوية من جهة تدريب وتعويد الإنسان على تحرِّي الدقة والوضوح في المصدر الذي يتلقَّى منه تشريعه والصحة في تفاصيل ذلك التشريع وطلب البراهين والأدلة على ذلك.
من خصائص العبادة أيضًا أنها توقيفية، بمعنى أنها موقوفة على نصوص وأدلة بتفاصيل وحدود وكيفيات معينة واضحة، قد تكون معلومة الحكمة أو غير معلومة الحكمة، ما يربِّي في الإنسان روح التسليم والانقياد والمسارعة في العبادة، وأنت بشرائع هذا الدين تصنع علاقة خاصة بينك وبين ربك لا تحتاج إلى واسطة ولا شفاعة، وهذا مما يمتاز به هذا الدين أيضًا، ولا تحتاج إلى أماكن خاصة تبوح فيها بخطاياك وآثامك، بل ترفع يديك في أي مكان وتلصق جبهتك بأي أرض وتدعو وتبث آلامك وترفع آمالك إلى خالقك والأعلم بحالك، فتستشعر معاني العبادة، وتترقَّى فيها مرة بعد مرة وتصنع حالًا لك مع الله (جل وعلا).
الفكرة من كتاب العبادة وأثرها في تربية النفس الإنسانية: بحث في الأساس التعبُّدي للتربية الإسلامية
مفهوم العبادة مفهوم قاصر مظلوم لدى كثير من الناس، وهذا ما جعل بعضهم يتطاول حتى حصره في المساجد فقط! العبادة لها مفهوم أوسع وأشمل من ذلك بكثير، ويسلِّط الكاتب الضوء هنا على واحد من مفاهيم أو قل من علائق العبادة بشكل خاص، ألا وهو علاقة العبادة بالتربية وآثار ذلك بشكل واضح وبأمثلة عديدة ولغة سهلة.
مؤلف كتاب العبادة وأثرها في تربية النفس الإنسانية: بحث في الأساس التعبُّدي للتربية الإسلامية
عبدالعزيز بن عبدالرحمن المحيميد: دكتور في قسم التربية كلية العلوم الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، له العديد من المؤلفات بين البحوث والمقالات ورسائل الدكتوراه، ومن ذلك:
مصادر التربية الإسلامية.
تاريخ الفكر التربوي بين المصادر الإسلامية والمصادر الغربية.
الحوافز في التربية الإسلامية.