المربي
يحتاج التغيير الناتج عن القرآن إلى متابعة أفراده، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقوم بهذه المهمة مع الصحابة، ويتفقد أصحابه، ويسأل عن غائبهم ويحل مشكلاتهم ويسعى في قضاء حوائجهم، ومن سمات المربي وجوده الدائم مع الأفراد ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾، وتشرُّبه القرآن كتشرُّبه للماء والهواء، ومن أهم وظائفه الإشراف على عملية التغيير في نفس الأفراد إذا كانوا قد دخلوا دائرة التأثير القرآني أم لا، ويرشد الفرد مع كيفية الانتفاع به ويأخذ بأيديهم ويذلِّل العقبات التي تواجههم وتوجيههم دون إفراط أو تفريط، وهدم كل خطأ راسخ في عقل الفرد وبناء وترسيخ الأفكار والمعتقدات الصحيحة.
وكذلك توجهيهم إلى الاعتدال والوسطية والاقتصاد في العبادة وتصحيح المفاهيم الخطأ وإعطاء كل ذي حق حقه، وشحذ همم الأفراد في المسارعة لفعل الخيرات وتقوية العزائم وتذكير الأفراد بالوظيفة التي خلقوا من أجلها والجزاء المنتظر لهم، والتذكير بأن الدنيا فانية بزينتها وبلا قيمة، وهي مزرعة للآخرة، فلا داعي للتنافس على زينتها.
والمُربي هنا لا يتدخَّل في كل شؤونهم بمتابعة دقيقة، فمن الممكن أن يحدث أثر سلبي، فإذا فتر هو فتروا هم كذلك عن تنفيذ توجيهاته، ولكن الضامن هنا هو إيمان قلوبهم، فالنبي كان يوجِّه أصحابه لفعل الخيرات ثم يتركهم لإيمانهم، والإيمان يكون وقود وشعلة متقدة تحفِّزهم على القيام والاستمرار عليه والقرآن نبع متجدد للإيمان، ولا يقتصر دوره على التوجيه العام فقط، ولكن المتابعة هي أضمن وسيلة للوصول إلى الهدف المنشود، فهناك من يصيبهم الفتور أو التشدد أو الوقوع في أخطاء فتبرز هنا قيمة المتابعة، ولكن ماذا إن لم يوجد المربي؟
يمكننا أن نستعيض عنه طالما توافر المنهج من خلال تعاهد الأفراد بين بعضهم وبعض بالنصح والإرشاد وتبادل الخبرات وبناء الأدوار، وبتوفير المحاضن التربوية عوضًا عنها والتي أسست لأول مرة في مكة في دار الأرقم بن الأرقم.
الفكرة من كتاب كيف نغيِّر ما بأنفسنا؟
يتناول الكاتب أسباب دخول أمتنا الإسلامية في نكبات وهزائم متتالية، وكيف نقوم بتغيير أنفسنا من أجل إصلاح الأمة مع تناوله عوائق التغيير، مع الإشارة إلى ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية، وما أصابنا جراء التأثر بالغرب وأفكاره التي لا تتوافق مع شريعتنا الإسلامية السمحة.
مؤلف كتاب كيف نغيِّر ما بأنفسنا؟
مجدي الهلالي: داعية إسلامي ولد عام 1961 في القاهرة، أسس مؤسسة الصحابي عقبة بن عامر والتي تهتم بالتربية القرآنية للأفراد.
ومن مؤلفاته: “ليلة سقوط بغداد”، و”ألواح ودسر”، و”طوفان محمد”، و”شيفرة بلال”.