الرأسمالية.. كشف حساب
الرأسمالية.. كشف حساب
يرى المؤلف أن الرأسمالية دخلت مرحلة مميتة؛ إذ نجمت عنها أزمة مالية كبرى عام 2007 م، كما ظهرت بسببها أزمة بيئية ما زلنا نعيش آثارها الكارثية إلى اليوم، هذه الرأسمالية تتميَّز ببعض الملامح التي يفصِّلها المؤلف، ويتمثَّل الملمح الأول في زيادة الإنتاجية؛ فقد أحدثت الثورة المعلوماتية طفرة في الإنتاج نتيجة انتشار الحواسب الآلية واستخدام الميكروبروسيسور في الآلات، وقد أدى ارتفاع الإنتاجية إلى انخفاض تكلفة المنتجات المصنوعة، ما سمح بارتفاع مستوى المعيشة المادي، لكن على الجانب الآخر زادت كتلة النفايات والتلوُّثات التي سبَّبتها الحواسب نفسها أو المنتجات المصنوعة.
أما الملمح الثاني فهو تحوُّل الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد مالي؛ لقد حصل انفصال بين الإنتاج المادي والعلاقة المالية، فلم يعد الإنتاج المادي هو الذي يحدِّد قيمة العملة، بل أصبح الدولار هو الذي يتحدَّد على أساسه معدل صرف العملات الأخرى، كما لم يعد الدولار مُغطَّى بالذهب، وقد أوجد هذا فرصًا للربح من جانب المضاربين الذين استغلُّوا اختلاف معدَّلات الصرف بين العملات.
ويظهر الملمح الثالث في الفساد الوبائي؛ فقد كانت البرجوازية في القرن التاسع عشر الميلادي ترفض الملكية وتحلم بإقامة مملكة فاضلة وعادلة يعتمد فيها الاقتصاد على قوانين السوق التي تسري على الجميع بالتساوي، لكن هذا لم يتحقَّق لأن الرأسمالية أصبحت تعتمد فقط على الربح والاستهلاك واحتقار القواعد الجماعية، وبذلك شجَّعت الرأسمالية على تعميم الفساد لأنها قدَّّمت تبريرًا نظريًّا للتحلُّل من الأخلاق من خلال تركيزها على الأيديولوجيا الفردية وإعلائها من قيمة النجاح والثراء على حساب الخير العام، وبذلك تم تعزيز فكرة أن الماكر هو الذي يتم تقديره لا الفاضل!
أما الملمح الأخير فهو التصاعد البارز في التفاوت الاجتماعي منذ عام 1980، فقبل 1980 كانت مكاسب الإنتاجية تُوزَّع بإنصاف، كما ارتفع مستوى المعيشة للجميع، لكن ابتداءً من عام 1980 ومع وصول رونالد ريجان ومارجريت تاتشر إلى السلطة في الولايات المتحدة وبريطانيا اتسعت الفجوات بين المجموعات الاجتماعية، حتى وصل الأمر إلى استيلاء الـ10% الأكثر ثراءً من سكان الولايات المتحدة على نصف الدخل الكلي في عام 2006!
الفكرة من كتاب الخروج من الرأسمالية
يحاول هيرفي كيمف في كتابه “الخروج من الرأسمالية” أن يلقي الضوء على الآثار السلبية للرأسمالية، وأهم هذه الآثار: المخاطر البيئية التي أصبحت تهدِّد حياة الإنسان على الأرض، ومن هنا يقوم كيمف باستعراض ملامح الحياة في ظل الرأسمالية، ويركِّز بصفة خاصة على فكرة الفردية التي تعتمد الرأسمالية عليها وتزدهر من خلال تعميقها، كما يقوم كيمف بمناقشة الأسباب التي أسهمت في تدهور البيئة والمجال الحيوي، وبعد ذلك يتحدث كيمف عن أهمية الخروج من الرأسمالية من أجل إنقاذ الكوكب، ويقدِّم تصوُّره عن الحل الذي يعتمد على إعادة بناء المجتمع بحيث لا يكون الاقتصاد حاكمًا، بل مجرد أداة، كما يكون التعاون هو الأساس لا المنافسة.
مؤلف كتاب الخروج من الرأسمالية
هيرفي كيمف: هو صحفي فرنسي مهتم بقضايا البيئة والصراعات الدولية، أسس صحيفة “Repoterre”، كما يعمل مسؤولًا عن قسم البيئة في صحيفة “Le monde” الفرنسية.
من مؤلفاته: كتاب “كيف يدمر الأثرياء الكوكب”، وكتاب “كفى للطغمة ولتحيا الديمقراطية”.
معلومات عن المترجم:
أنور مغيث: أستاذ الفلسفة المعاصرة بكلية الآداب بجامعة حلوان، وله العديد من الدراسات المنشورة في مجالي الفلسفة والفكر العربي المعاصر، ومن الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية: كتاب “نقد الحداثة” لآلان تورين، وكتاب “في علم الكتابة” لجاك دريدا.