أهمية وجود مشروع في حياة الإنسان
أهمية وجود مشروع في حياة الإنسان
لقد علَّمنا الدين الحنيفُ أن قيمة الفرد تُقاس بعمله لا بعمره أو حسبه أو نسبه، فتأمل قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾، وقياسًا على ذلك كان السلف الصالح يذمُّون الفرد العاطل القاعد عن العلم والعمل، فلا هو يجدُّ في طلب علمٍ فيصيب منه حظًّا، ولا يسعى في عمل ينال منه كسبًا، فقال ابن مسعود: “إنِّي لأمقت أن أرى الرجل فارغًا، لا في عمل في دنيا ولا آخرة”، وعرَّف عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حالة هذا الرجل بوصف “سبهلَلًا”، والذي فسره السفاريني (رحمه الله): “سبهللًا؛ أي غير مكترث بذهابه لا في عمل دنيا ولا آخرة”، وهذا حال أغلب شباب اليوم للأسف الشديد، ينكبُّون على هواتفهم منشغلين بالماجريات وتوافه الأمور، مُدبرين عن العمل الصالح وطلب العلم، والأصل والأصح أن يكون لكل شاب أهداف يسعى لتحقيقها، ومن لم يرسم لنفسه أهدافًا، فإنه يعيش عيشة عشوائية يتخبَّط فيها بين معطيات الحياة ومستجدَّات الأمور، ومن لم يعرف أين يتجه فلن يصل.
وإدراك ذلك يقتضي من الشاب الشروع في وضع أهدافه، ولا بد له أن يكون توَّاقًا إلى معالي الأمور، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إنَّ الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها، وقال أيضًا: إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنَّه وسط الجنة وأعلى الجنة، ومما يحفز الإنسان لأن يكون له أهداف سامية يسعى لتحقيقها خلال سنين عمره، النظر في أحوال كبار السن الذين لم يتركوا ما يُذكرون به بعد موتهم، ومقارنة حالهم بعظام الشأن من العلماء، فكم عاش الإمام النووي (رحمه الله) وكم ترك؟
الفكرة من كتاب مشروعك الذي يلائمك
خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض ليكون فردًا عاملًا متعبدًا، يصلح ولا يفسد، ويجتهد لا يتكاسل، ويسعى لإعمار الأرض والتعبُّد بعمله فيها عملًا بقوله تعالى ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، وفي هذا الكتاب، وجَّه الشيخ محمد صالح المنجد حديثه إلى الشباب بخاصَّة، وحدَّثهم عن أهمية وجود مشروع في حياة الإنسان، وكيف يختاره بناءً على مواهبه التي يمتلكها، وما خطوات العمل عليه بدءًا من الإنشاء، ثم عرض الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فشل المشروعات، وختم حديثه بعرض بعض المشاريع الناجحة ليقتدي بها القارئ في مسيرته.
مؤلف كتاب مشروعك الذي يلائمك
محمد صالح المنجد: فقيه وداعية فلسطيني، حصل على درجة البكالوريوس في البترول والمعادن من جامعة الملك فهد بالسعودية قسم إدارة صناعية، ثم اتجه بعدها إلى الدعوة بإرشاد من الشيخ
عبدالعزيز بن باز فعمل إمامًا وخطيبًا وهو دون الثلاثين، ومارس الدعوة بكل الوسائل المُتاحة على أرض الواقع ومن خلال الشبكة العنكبوتية، فألقى المحاضرات في المساجد وعن طريق البرامج التليفزيونية والتسجيلات الصوتية، لذلك يُعد من أكثر الأئمة تأثيرًا في الأوساط الشبابية، وأنشأ موقع “الإسلام سؤال وجواب” عام 1997 ليكون أول موقع إسلامي على الإنترنت، وما زال يُشرف عليه وعلى تسعة مواقع إسلامية أخرى، ويُشرف أيضًا على منصة “زاد” للتعليم الشرعي، وله مؤلفات عديدة منها: “ظاهرة ضعف الإيمان”، و”كيف تقرأُ كتابًا؟”، والعديد من السلاسل مثل: سلسلة “أعمال القلوب”، وسلسلة “مفسدات القلوب”.